للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك كله تجد العلماء والمفكرين المنصفين عرفوا للرسل مكانتهم، ووضعوهم في الموضع اللائق بهم بالنسبة لحاجة الناس إليهم، وضرورة الأخذ بما جاءوا به من دين-فيقول ابن القيم في ذلك:

إنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ور في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله البتة إل على أيديهم، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاءوا به، فهم الميزان الراجع الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال. وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلالة، فالضرورة إليهم اعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير، وما ظنك بمن إذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك وصار كالحوت إذا فارق الماء ووضع في المقلاة؟؟

فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء من الرسول كهذه الحال بل أعظم، ولكن لا يحس بها إلا قلب حي، وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي (صلى الله عليه وسلم)، فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلية ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه.

والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

النبوات وإرسال الرسل

[وظائف الرسل]

الرسل سفراء بين الله تعالى وبين خلقه يقومون بأخطر عمل بالنسبة لقومهم، فهم:

١ - الرسل يتلقون الوحي والعلم والدين عن الله سبحانه وتعالى على الوجه والكيفية التي يختارها الله تعالى:

<<  <   >  >>