وأما مخالفة المعجزة للسنن العادية في إيجاد الممكنات فإن ذلك أمر لا يمتنع على الله، لأنه تعالى قادر على كل شيء.
وقد يكون للخوارق عند الله سنن خاصة لا نعرفها ولكن يظهر أثرها على يد مدعي النبوة.
المعجزة
[دلالة المعجزة]
ذهب جمهور العلماء إلى أن دلالة المعجزة على صدق الرسول في دعواه يقينية، فالمعجزة تثبت إثباتا لا شك فيه أن الذي جرت على يديه هو رسول من عند الله.
وهذه الدلالة اليقينية تلزم من عاصر الرسول ومن غاب عنه وجاء بعده لأن الذين يشاهدون المعجزة يكونون عددا كثيرا، فإذا نقل العدد الكير أمر المعجزة إلى الغائبين كان ذلك حجة عليهم توجب تصديقهم بها وذلك هو الحاصل في حياة الناس والمركوز في فطرهم، فإن أكثرهم يؤمن بكثير من المدن والقرى ومن الشخصيات التاريخية والأحداث العظيمة وليس من سبب في إيمانهم بها إلا الأخبار المتواترة.
المعجزة
[ذكر بعض معجزات الرسل]
اعلم أن من حكمة الله تعالى البالغة أنه يؤيد رسله بمعجزات من نوع ما فاق وأبدع فيه القوم المرسل إليهم حتى تنقطع حجتهم عن رسولهم، لأن الرسول لو جاء بمعجزة من نوع يجهلونه وطالبهم أن يأتوا بمثلها لكان لهم أن يقولوا: إن هذا شيء نجهله ولو علمناه لعارضناه، أما إذ تحداهم الرسول بمعجزاته في أمر قد برعوا فيه وأجادوه ثم لم يستطيعوا معارضته فإن ذلك يفحمهم ويلزمهم الحجة، فمثلا عندما أرسل الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام كان فن السحر شائعا في القبط قوم فرعون، ولهم فيه المهارة التامة، ويعلمون من شأنه ما هو ممكن للبشر معرفته وصنعه منه وما ليس ممكنا لهم،