والجواب: أن الطبيعة إن أريد بها الغريزة فإن التأثير فيها بالتغيير غير ممكن عادة، ولكن الممكن هو التحكم في الغريزة حتى تكون على مستوى وسطي بدون إفراط أو تفريط. وذلك مثل غريزة الحاجة إلى الطعام والماء، وغريزة القتال، وغريزة حب الاستطلاع، وغريزة الجنس وغيرها، وذلك ما يسمى في علم النفس "إعلاء الغرائز" أي التسامي بها لتؤدي ما خلقت له بدون انحراف.
وإن أريد بالطبيعة الميول والرغبات فإن هذه يمكن التأثير فيها بالتعديل وبالتغيير ويشهد لذلك ويثبته ما جاء في الحديث
"كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه".
وهذا هو المراد من كلمة "طبيعي أو فطري": أي الميول والرغبات التي ولد بها الإنسان.
بين العقيدة والأخلاق
[خطر يجب تداركه]
إذا كانت الأخلاق كسبية في أكثرها، وما هو طبيعي منها يكون صالحاً للتغيير والتعديل، فمعنى ذلك أن البحث في المؤثرات التي يتأثر بها الإنسان حتى تتكون فيه ملكات أخلاقية معينة يعتبر أمراً لازماً وهاماً.
وإذا عرفنا أن المؤثرات المحبوبة إلى النفوس العادية وهي في نفس الوقت تصل إلى الجميع بسهولة وبدون كلفة، كما أنها تكوِّن مناخاً عاماً يعيش فيه الأفراد، سواء قصدوه أم لم يقصدوه، إذا عرفنا ذلك ازداد الأمر أهمية وخطورة، فإن الناس في عصرنا هذا سواء منهم الكبار والصغار، والبنون والبنات قد فتحت عليهم جميع أبواب الآداب والفنون، ما هو صالح منها وما هو فاسد، كما فتحت عليهم جميع أجهزة الإعلام، الشرقية والغربية، المتحفظة والإباحية، الإيمانية والكفرية، ما يدعو منها إلى الفضيلة وما يدغدغ الغرائز، ويلهب المشاعر ويؤجج فيها الثورة على كل ما هو