للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دين وفضيلة وسمو، وعلينا أن ندرك أن الأسرة مناخ خاص، وأن المدرسة مناخ خاص، وكذلك الجامعة، والمسجد، والمكتب والشركة. وأن هذا كله متفاعل مع المناخ العام الذي هو البلد. والمجتمع. والأمة. والدولة والمنطقة. والعالم، وأن كلاً منهما يؤثر في الآخر ويتأثر به، والأقوى تأثيراً له الغلبة والكلمة الأخيرة في أخلاق الناس. وقد دخلت الإذاعة كل بيت، واقتحم التلفاز كل منزل، وأصبح الشبان والشواب، والناشئون والناشئات بين شقي رحى، فهذه أسرة تأمر بالدين وتحرص عليه، وتلقن البنين والبنات كل ما هو خير وفضيلة، ولكن أجهزة الإعلام ليست كلها مع الدين، أو الفضيلة، أو الخلق، ويستطيع أي إنسان أن يدير مفتاح المذياع ليسمع العهر والفجور والدعوة الصريحة إلى الفحش من بلاد كثيرة في العالم، ويستطيع أن يشتري من المجلات والكتب ما هو بؤرة فساد ودعارة، وما هو حرب على الدين والفضيلة وكل خلق كريم. زد على ذلك الشوارع العامة والمسارح، ودور العرض "السيمائي" وغيرها مما ملأ الجو العام فساداً، وكل من عاش مع الناس أدرك الحيرة والاضطراب، وأدرك الظلام والضباب والفتنة التي يعيش فيها الجميع. والواقع أن المناخ العام أفسد كل ما أصلحه المناخ الخاص، وكل جهود المصلحين اليوم تعتبر ضائعة، والنادر لا حكم له.

لذلك يجب على الباحثين والمصلحين، والغيورين على الدين، وعلى الأخلاق، وعلى الشبان والشواب أن يطوروا كثيراً من المناهج الفكرية، والعلمية، والتربوية. وأن يبحثوا بحثاً جدياً من أجل إنقاذ أجيال أضاعوها أو كادوا بسبب الجمود، والروتينية البغيضة، والفهم الضيق للدين والحياة، والمؤثرات الخطيرة على الاثنين معاً.

لقد قام مصلحون كثيرون. ونادوا، وبحت أصواتهم. ولا يزالون يفعلون، فمتى تستجيب أمتنا المسلمة، ومتى تدرك الخطر، ومتى تصدق مع نفسها ومع الله، ومع شبابها. حتى تنقذ الغرقى، والحرقى، ومن أصيبوا بطاعون الانهيار الخلقي، ومن انهالت عليهم جميع الأتربة والرمال التي حملتها رياح الكفر والفسوق والفجور والضياع والضلال؟؟؟.

<<  <   >  >>