وعلى هذا الأساس انطلقوا في تأويل ما سبق على الوجه الآتي:
قالوا: إن المراد بالاستواء في الآية هو استيلاء الله على عرشه، وذلك دليل على قدرته تعالى وعظمته، والمراد بكونه تعاى قاهرا فوق عباده أن العباد خاضعون لسلطانه وحكمه، والمراد بكونه تعالى في السماء وفي الأرض أن علمه تعالى محيط بكل شيء. والمراد بوجه الله تعالى ذاته، والمراد باليد في الآية قدرته، والمراد بالأعين الرعاية، والمراد بنزول الله إلى السماء الدنيا نزول ملك بأمره، والمراد بأصبعي الرحمن قدرته وإرادته وهكذا ...
وقال العلماء في الفرق بين المذهبين - مذهب السلف ومذهب الخلف - إن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم، والذي أرتضيه للقارئ هو أن يكون سلفيا بعيدا عن التأويل وأن يرفض مذهب الخلف رفضا تاما فإنه بدع من القول لا يسوغ الأخذ به، وبناء على ذلك يجب القول بأن الله تعالى متصف بالعلو على خلقه، والاستواء على عرشه، وأن اليد والرجل والقدم والعين والأعين والنزول إلى السماء الدنيا وغير ذلك مما وردت به نصوص الكتاب والسنة الصحيحة كل ذلك من صفاته تعالى على الوجه الذي يليق بذاته تعالى. ويستحيل أن يشبه في شيء من ذلك شيئا أو أحدا من خلقه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الصفات
[الصفة الخامسة (هو الغني الحميد)]
ومعنى ذلك قيامه تعالى بنفسه واسغناؤه عن سواه وعدم احتياجه إليه في ذاته أو صفاته أو أفعاله، لأنه تعالى قديم، ووجوده من ذاته بمعنى أنه ليس أحد ولا شيء علة في وجوده. وهو تعالى متصف بجميع صفات الكمال، وكل موجود مستمد وجوده منه تعالى ومن كان كذلك يستحيل أن يحتاج إلى غيره.
لأنه لو احتاج إلى غيره لكان ناقصا ولكان حادثا ولكان غيره مؤثرا فيه. وكل ذلك مستحيل في حقه تعالى فما أدى إليه وهو احتياجه إلى غيره يكون مستحيلا، وثبت قيامه تعالى بنفسه. واسغناؤه عن غيره.