ثانيا: مع الإيمان بهذه النصوص يجب الإيمان كما سبق بأن الله تعالى لا يشبه خلقه في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
ثالثا: لا نحاول تأويل هذه النصوص وتفسيرها وتحديد معان لها، لأننا لا ندري هل هذه المعاني مرادة الله تعالى أم ليست مرادة؟ فالتأويل والتفسير لمثل هذه النصوص مجازفة لم يؤذن لنا فيها.
وبناء عليه نقول في هذه النصوص: إن الله تعالى استوى على عرشه. لأنه قال ذلك ولكن كيفية استوائه لا يعلمها إلا هو، لأنه قال: ليس كمثله شيء.
ونؤمن بأنه تعالى فوق عباده. وأن هذه الفوقية ليست كفوقية المكان التي نعرفها.
وكذلك نؤمن بأن لله وجها ويدا وأعينا، ولكنها ليست كأوجهنا وأيدينا وأعيننا، وأن الحقيقة يعلمها الله تعالى، وكذلك يقال في كل ما يرد موهما تشبيه الله تعالى بخلقه وهذا الذي ذكرناه هو رأي السلف رضوان الله عليهم. وهو أسلم، لأنه أبعد عن الوقوع في خطأ التأويل الذي قد يكون غير مراد له تعالى، خصوصا وأن هذه النصوص متصلة بالعقيدة، وخطر العقيدة لا يستهان به.
ولكن كثيرا من العلماء الذين جاؤوا بعد القرن الخامس الهجري رأوا أن تلك النصوص إن تركت بدون تأويل ربما يترتب على عدم تأويلها وتفسيرها وقوع الذين لم يتعمقوا في فهم الإسلام في خطأ الإنحراف عن العقيدة السليمة والوقوع في ورطات فكرية خطيرة. وقد جاءت آيات الله في كتابه كما جاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على نمط اللسان العربي، وباللغة العربية الفصحى، واللغة العربية فيها الأساليب والكلمات التي يراد بها في عرف اللغة حقيقتها والأخرى التي يراد بها المجاز أو الكناية، وما دامت الآيات والأحاديث المذكورة لا يمكن أن تكون حقيقتها مرادة لإفادتها التشبيه. فلماذا لا نذهب إلى المجاز المناسب لجلال الله وعظمته؟ وفي اللغة العربية أمثلة كثيرة لذلك.