... هذا الموضوع ذو أهمية ويستحق الدرس والعناية به، وليس المجال هنا متسعاً للاطالة فيه، ولكن حسبنا أن نقول: إن هناك قضايا إذا فهمت عن درس أمكن الوصول إلى نتيجة يقينية لا لبس فيها ولا غموض.
الأولى: هي أن الجن ثبت وجودهم، وأنهم يتشكلون بما يريدون، وأنهم متصلون ببني آدم اتصالاً وثيقاً ويعيشون معهم على أرضهم، وأحياناً يدخلون في أجسامهم ويتسلطون عليها بكيفية لا يعلمها إلا الله، لأن حقيقتهم لا يعلمها إلا الله.
وبناء على ذلك فالجني يمكنه أن يتشبه بالرياح وبالأنوار المختلفة الألوان وبالسحاب والدخان والشخصيات العظيمة. كما يمكن للجني أن يقلد أية شخصية حية أو ميتة بعد موتها، لأن أعمار الجن تصل أحياناً إلى مئات السنين، كما ثبت في ذلك في بعض الأحاديث والآثار - كما أن تكليم الجني للإنسان على لسان إنسان آخر أمر ثابت كما سبق، وتحريك الجني لقلم يكتب، أو لسلة ترسم بوساطة قلم، أو لأثاث حجرة ليكسر أو لغير ذلك مما نسمع عنه أمر ممكن وواقع فيما مضى ويقع الآن كثيراً، والمتتبع لهذا الأمر يجد الغرائب التي لا شك فيها.
الثانية: أن أرواح الموتى بعد موتهم لا سلطان لأحد عليها بتسخير أو تحضير أو غير ذلك لأن هذه الأرواح ذهبت إلى خالقها لتلقى مصيرها حسب عملها، فهي في روضة من رياض الجنة، أو في حفرة من حفر النار، وتلك حياة برزخية غيبية لا سلطان لأحد عليها غير الله تعالى .... قال تعالى:{يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه}[الإنشقاق: ٠٦].