ما اختص الله به محمداً صلى الله عليه وسلم دون المرسلين
... لقد اختص الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره من الرسل بأمور كثيرة وردت الأدلة الصحيحة بها ونوجز أهمها فيما يلي:
أولاً - عموم رسالته:
... اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون تكليف الناس والتشريع لهم حسب استعدادهم ونضجهم وتقدمهم أو تأخرهم علمياً وفكرياً واجتماعياً، وحسب الظروف والأحوال التي يعيشون فيها ويتأثرون بها ليكون الغذاء النفسي كالغذاء الحسي ملائماً ومفيداً. لذلك كان الله تعالى يرسل إلى كل أمة رسولاً يصلح من شأنها ويبلغها الشرع الذي يناسبها. ولم تعم رسالة قبل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن العالم لم يكن قد ارتقى قبله إلى المستوى الذي يشعر فيه بالحاجة إلى تشريع وقانون عام يجمعه تحت راية واحدة. ولما جاء وقت الرسالة المحمدية كان المجتمع البشري قد بلغ أشده واستوى فكرياً واجتماعياً وسياسياً، وصار جمعه على تشريع واحد ممكناً وميسوراً. لذلك أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة سواء أكانوا عرباً أم غير عرب، وثنيين أم أهل كتاب، لهم دين أم لا دين لهم على الإطلاق. كما جعل الله تعالى رسولاً إلى الجن بنفس الشرع الذي جاء به إلى الإنس مع مراعاة طبائعهم وأحوالهم، وجعل رسالته ناسخة لجميع الرسالات قبله، فلا يحق لأحد بلغته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أن يدين بغير دينه.