للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومصيبة يرجو الخلاص منها، كأن يقع في نهر أو بئر فيطلب من يغيثه وينقذه، وكأن يصطدم بسيارة، أو تشب فيه النار، أو يصاب بمرض من الأمراض، وأمثال هذه الأمور التي تعارف الناس واعتادوا على أن يطلبها الإنسان من الإنسان، ولم يأت من الشرع ما يمنع ذلك، وتلك أمور واضحة، والفرق بينها وبين الأمور الأولى الممنوعة لا يخفى على من له أدنى فهم.

[٨ - الغلو في الأنبياء والصالحين]

للأنبياء عليهم الصلاة والسلام مكانة في نفوس المؤمنين، ولهم واجبات وحقوق وأنواع من التبجيل والاحترام مطلوبة ومشروعة، وقد فصّلها الشارع وبينها.

ولكن النفوس البشرية جُبلت على ألا يقف تصورها عند حد إذا لم يرتبط بأصول معينة تمنعه من التغالي والزيادة عن الحد المشروع.

وكذلك حدث في جميع الأمم أن غالت في تصوراتها لأنبيائها والصالحين فيها حتى أعطتهم ما ليس لهم من حق، وجعلتهم آلهة أو أشباه آلهة. فاستغاثت بهم بعد موتهم ووجهت الدعاء والاستغاثة إليهم، وركعت لهم وسجدت، ونذرت لهم الأموال والذبائح وسألتهم جلب المنافع ودفع المضار، ونسبت إليهم ما يحدث من كوارث ومصائب أحياناً، وأحياناً أخرى تنسب إليهم ما يحدث من رخاء ونعيم وشفاء أمراض ودفع بلاء وغير ذلك، سواء أكان الأنبياء والصالحون قابعين في قبورهم، أم اتخذ الناس لهم صوراً تمثلهم كالأصنام والتماثيل وغيرها.

وبذلك جعلهم الناس شركاء لله، وقدموا إليهم من الولاء والطاعة والعبادة والقربات ما لا يجوز أن يقدم إلا لله تعالى، وذلك كفر صريح لا شك فيه.

وقد حذر القرآن والسنة من هذا الانحراف ونبهنا إليه في مواضع كثيرة.

<<  <   >  >>