فمن اعترض بأن إبليس كان من الملائكة فعصى، أجيب بأن الله توصف الملائكة بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، وقد ذكر القرآن أن إبليس كان من الجن كما استثنى من الملائكة وذلك يدل على أنه منهم.
والتوفيق السليم أن يقال: إن إبليس كان من الجن حقيقة، وكان من الملائكة حكماً، أي إنه لشدة عبادته وبعده عن المخالفة أول الأمر كان شبيهاً بالملائكة فأخذ حكمهم.
ومن اعترض بقول الملائكة لله في آدم قبل خلقه:
{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}[البقرة: ٢٠].
أجيب بأن الملائكة لم ترد بهذا القول غيبة آدم ولا تزكية أنفسهم ولا الظن السيء كما قد يتوهم، إنما أرادوا السؤال عن الحكمة في خلق آدم في الأرض، وكانوا قد علموا عن الله تعالى ما يحصل من ذريته من الإفساد، أو كان قولهم سببه أن الأرض كانت مسكونة قبل آدم بمخلوقات أفسدت وسفكت الدماء.
ومن اعترض بأن هاروت وماروت كانا ملكين فعلما الناس السحر، وتعلم السحر للسحر معصية، أجيب بأن هاروت وماروت قيل إنهما كانا ملكين بكسر اللام، وقرئ بذلك، وحينئذ فلا إشكال لأنهما آدميان، والقول الثاني أنهما نزلا بأمر الله في زمن كثر فيه السحر والسحرة ودعوى السحرة أنهم أنبياء، لأنهم يأتون بأمور خارقة للعادة فنزل الملكان في صورة بشر وعلما الناس علم السحر حتى يكذبوا السحرة في ادعائهم النبوة، وتعلم السحر للتوقي من ضرره غير محظور وغير ممنوع. بل قد يكون مطلوباً وبهذا تثبت عصمة الملائكة، وتسقط الاعتراضات الموجهة إليهم.