للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: كان فتى منا حديث عهد بعرس فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله. فاستأذنه يوماً. فقال له: خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة. فأهوى اليها بالرمح لكي يطعنها لما أصابته غيرة. فقالت له: اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني. فدخل فإذا بحية عظيمة منصوبة على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به. ثم خرج فركزه (١) في الدار فاضطربت عليه فما ندري أيهما كان أسرع موتاً. الحية أم الفتى".

يؤخذ من هذا الحديث ومما سبق أن الجن يظهرون في أشكال كثيرة. وخصوصاً أول الليل وآخره وفي الخربات والأماكن المظلمة والصحارى. والأماكن النجسة. فعلى الإنسان أن يأخذ دائماً حذره وألا يؤذي شيئاً مما يظن أنه قد يكون منهم إلا بعد أن يظهر أذاه ثم ينذره ثم يذكر اسم الله ويرد اعتداءه ولو بقتله.

فقد روى الترمذي والنسائي عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بالمدينة نفراً من الجن قد أسلموا. فإذا رأيتم من هذه الهوام شيئاً فآذنوه (٢) ثلاثاً فإن بدا لكم فاقتلوه".

وقال الشيخ أبو العباس ابن تيمية: "قتل الجن بغير حق لا يجوز كما لا يجوز قتل الإنس بغير حق والظلم محرم في كل حال. والجن يتصورون في صور شتى. فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنيات فتؤذن ثلاثاً. فإن ذهبت فبها وإلا قتلت".


(١) ركزه فيها.
(٢) أعلنوه وأنذروه.

<<  <   >  >>