للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانطلقت به إليه وهو في الركاب. فأطلقت عنه وألقيت عليه ثياب السفر، وألبسته ثوبين حسنين، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أدنه مني، واجعل ظهره مما يليني، قال. فأخذ بمجامع ثوبه بين أعلاه وأسفله فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطه ويقول: اخرج عدو الله. فأقبل (يعني المريض) ينظر نظر الصحيح ليس بالنظر الأول. ثم أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فدعا له بماء فمسح وجهه ودعا له. فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه.

وذكر صاحب كتاب "آكام المرجان" حكاية عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: هي أن المتوكل أنفذ إليه صاحباً له يعلمه أن جارية بها صرع وسأله أن يدعو الله لها بالعافية. فأخرج له أحمد نعلي خشب بشراك (١) من خوص للوضوء فدفعه إلى صاحب له وقال له: تمضي إلى دار أمير المؤمنين، وتجلس عند رأس هذه الجارية وتقول له (يعني الجني) يقول لك أحمد: أيما أحب إليك. تخرج من هذه الجارية، أو تصفع بهذه النعل سبعين؟ فمضى إليه وقال له مثل ما قال له الإمام أحمد. فقال له المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة. لو أمرنا أحمد ألا نقيم بالعراق ما أقمنا به. إنه أطاع الله، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء. وخرج من الجارية، وهدأت ورزقت أولاداً.

ومما ذكر من الأدلة نعلم أن صرع الجن للإنس أمر ممكن وأنه وقع فعلاً. وقد كانت العرب وغيرها من الأمم تؤمن بذلك وتحكي فيه الحكايات الكثيرة. ولا غرابة فيما حكي وفيما يحكى اليوم عن الجن وتشكلهم بالأشكال المختلفة واتصالهم بالإنس بأنواع من الاتصالات.

وهذا أمر مقرر في الإسلام حتى اختلف الفقهاء في جواز التزواج بين الإنس والجن فالقلة أجازته والكثرة منعته، لأن الجن جنس غير جنس الإنس.


(١) رباط.

<<  <   >  >>