ولكن من علم أن هذا أخطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول فهذا له نصيب من الشرك الذي ذمه الله ولا سيما إن اتبع في ذلك هواه ونصره باليد واللسان، مع علمه أنه مخالف للرسل. فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه، ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يحوز له تقليد أحد في خلافه، وإنما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال، وإن كان عاجزاً عن إظهار الحق الذي يعلمه. فهذا يكون كمن عرف أن دين الإسلام حق وهو بين النصارى، فإذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه، وهؤلاء كالنجاشي وغيره.
وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزاً عن معرفة الحق على التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله، من الاجتهاد في التقليد. فهذا لا يؤاخذ إن أخطأ كما في القبلة. وأما من قلد شخصاً دون غيره من نظرائه بمجرد هواه، ونصره بيده ولسانه من غير علم أن معه الحق، فهذا من أهل الجاهلية، وإن كان متبوعه مصيباً لم يكن عمله صالحاً، وإن كان متبوعه مخطئاً كان آثماً كمن قال في القرآن برأيه، فإن أصاب فقد أخطأ، وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار. ١. هـ. وهو كلام قيم وتفصيل نادر فافهمه واحرص عليه.
وبهذا التفصيل الدقيق يتضح لك موضع الخطورة في اتباع الآخرين في التحليل والتحريم والتشريع. ويتبع هذا بالأولى أن يعتبر مشركاً كل من رضي بدين غير دين الإسلام وهو يعلم الإسلام. أو رضي بأي مبدأ أو مذهب من المذاهب الحديثة أو القديمة يناقض المبادئ الإسلامية ويضادها وهو يعلم أن ما ارتضاه لا يرتضيه الله ورسوله ولا هو من دين الإسلام في شيء. كما يدخل في هذا الشرك والكفر كل إنسان قدس وعظم أي دين أو مبدأ من المبادئ المضادة للإسلام وهو يعلم ذلك. فما بالك إذا قدمها على الإسلام وأخره؟؟!!!