اسم غير الله تعالى، سواء أكان اسم صنم أو انسان أو جني أو أي اسم غير اسم الله على الإطلاق.
٣ - أن يريد الذابح بذبحه التقرب بالذبيحة لغير الله تعالى، وذلك كأن يذبح الذبيحة تقرباً إلى ولي أو نبي أو حاكم أو جني أو عفريت أو غير هؤلاء.
والدليل على ذلك ما في الآية السابقة من قوله تعالى:{وما أهل لغير الله به} فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ظاهره أنه ما ذبح لغير الله تعالى مثل أن يقول: هذا ذبيحة لكذا وإذا كان هذا هو المقصود فسواء تلفظ به أو لم يتلفظ. وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه للحم وقال فيه باسم المسيح أو نحوه، كما أن ما ذبحناه متقربين به إلى الله كان هو أزكى وأعظم مما ذبحناه للحم وقلنا عليه بسم الله. فإذا حرم ما قيل فيه باسم المسيح أو الزهرة فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح أو الزهرة أو قصد به ذلك من باب أولى، فإن العبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله.
وعلى هذا: فلو ذبح لغير الله متقرباً إليه يحرم ويعتبر هذا نوعاً من الشرك وإن قال عند الذبح: باسم الله كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة ... ومن هذا الباب ما يفعله الجاهلون بمكة من الذبح للجن، ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذبائح الجن.
قال الزمخشري: كانوا إذا اشتروا داراً أو بنوها أو استخرجوا عيناً ذبحوا ذبيحة خوفاً أن تصيبهم الجن فأضيفت إليهم الذبائح لذلك. ١. هـ. كلامه وذكر إبراهيم المروزي: أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقرباً إليه، أفتى أهل بخارى بتحريمه، لأنه مما أهلّ به لغير الله.
ومن الأدلة الصريحة على تحريم الذبح لغير الله تعالى أمره تعالى بأن يكون الذبح له وحده دون سواه. فقال تعالى:{قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}[الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].
والمراد بالنسك في الآية الذبح كما قال مجاهد والضحاك وسعيد بن جبير. ومعنى "ومحياي ومماتي" وما آتيه في حياتي وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح.
وعن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: "لعن الله من ذبح لغير الله. لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض". رواه مسلم. ومعنى اللعن:"الطرد والإبعاد من رحمة الله". ومعنى آوى محدثاً: منع ونصر جانياً حتى لا يقتص منه ولا يؤخذ منه الحق الذي عليه وينفد فيه حد الله، وينتصر منه للمظلوم. ومعنى غير منار الأرض: قيل أراد حدود الحرم خاصة، وقيل هو عام في جميع الأرض، أو أراد المعالم التي يهتدي بها في الطريق، وقيل:"هو أن يدخل الرجل في ملك غيره فيقتطعه ظلماً". ولا مانع من إرادة الجميع.
وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم. لا يجوزه (يمر به) أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما، قرب. قال: ليس عندي شيء أقرب، قالوا له: قرب ولو ذباباً، فقرب ذباباً، فخلوا سبيله فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة". رواه أحمد.