وعبادة الله تعالى معناها الخضوع لله تعالى خضوعاً كاملاً في جميع ما جاء به كتابه الكريم، وفي جميع ما بينه نبيه العظيم، عليه أفضل الصلاة والتسليم مع شدة الحب لله، وشدة الخوف منه، وهي بهذا المعنى تشمل الخضوع لله في العقيدة وأنواع القرب كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها، وفي أنواع المعاملات كالزواج والطلاق والبيوع والشركات، والمداينات والتجارة والصناعة والزراعة، وفي أنواع الأخلاق كالوفاء، والصدق، والعدل والأمانة، وفي كل ما يتصل بنظام حياتنا الشخصية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بشرط واحد هو أن يريد المسلم بخضوعه وجه الله تعالى، ويطلب به رضاه. فإذا التزم المسلم بالعمل بالكتاب والسنة، وفعل ما أمره الله به، وترك ما نهاه الله عنه قاصداً بذلك وجه الله فهو عابد لربه يستحق على عبادته المثوبة في الدنيا والآخرة، ولو كان عمله في ظاهره عملاً دنيوياً محضاً، يشهد لذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص:
"إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك".
وجاءت أحاديث كثيرة صحيحة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيها أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن السلام على المسلم يرفع الدرجات عند الله، وأن كف اللسان عن الشر صدقة، وأن إعانة المحتاج صدقة، وأن زيارة الأخ في الله، وعيادة المريض المسلم، والتبسم في وجه المسلم، وإرشاده إلى ما ينفعه، والسعي على النفس أو الزوجة والأولاد. كل ذلك وغيره وغيره يعتبر عملاً تعبدياً يثاب عليه المسلم ويؤجر على فعله، كما يؤجر على الصلاة والصيام والصدقة.
ومن هنا ندرك أن معنى العبودية لله والخضوع له معنى عام شامل يدخل في دائرته كل أمر يفعل أو يترك على أساس الدين وشريعة الله تعالى مع