للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسكت الرجل، فقال جعفر: إن الصانع هوالذي كنت ترجوه في ذلك الوقت، وهوالذي أنجاك من الغرق. فأسلم الرجل على يده.

٣ - كان ابوحنيفة رحمه الله سيفا على الدهرية، وكانوا ينتهزون الفرصة ليقتلوه، فبينما هويوما في مسجده قاعد إذ هجم عليه جماعة بسيوف مسلولة، وهموا بقتله، فقال لهم: "أجيبوني عن مسألة ثم افعلوا ما شئتم" فقالوا له: هات، فقال: "ما تقولون في رجل يقول لكم: إني رأيتسفينة مشحونة بالأحمال مملوءة من الأثقال وقد احتوشها في لجة البحر أمواج متلاطمة، ورياح مختلفة، وهي من بينها تجري مستوية ليس لها ملاح يجريها، ولا متعهد يدفعها. هل يجوز ذلك في العقل؟ قالوا: هذا شيئ لا يقبله العقل، فقال أبوحنيفة: "يا سبحان الله"! إذا لم يجز في العقل سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا مجر فكيف يجوز قيام هذه الدنيا على اختلاف أحوالها، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها من غير صانع وحافظ؟ فبكوا جميعا وقالوا: "صدقت" وأغمدوا سيوفهم وتابوا.

٤ - سالوا الشافعي رضي الله عنه: ما الدليل على وجود الله؟ فقال: "ورقة الفرصاد (التوت) طعمها ولونها وريحها وطبعها واحد عندكم، قالوا نعم، قال: فتأكلها دودة القز فيخرج منها العسل، والشاة فيخرج منها البعر، وتأكلها الظباء، فينعقد في نوافحها المسك، فمن الذي جعل هذه الأشياء كذلك مع أن الطبع واحد؟ " فاستحسنوا منه ذلك وأسلموا على يده وهم سبعة عشر. (١)

٥ - وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن ذلك فقال: "ها هنا حصن حصين أملس، ليس له باب ولا منفذ ظاهره كالفضة البيضاء، وباطنه كالإبريز، فبينما هوكذلك إذ انصدع جداره فخرج منه حيوان سميع بصير ذوشكل حسن وصوت مليح (يعني البيضة إذا خرج منها الفرخ) (٢).


(١) ا. هـ. من تفسير الفخر الرازي جـ١ ص ٣١٤.
(٢) تفسير ابن كثير جـ١ ص ٥٩.

<<  <   >  >>