للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشعرك بأنه حائر لم يدرك القوة الخفية من وراء هذه الآيات هل هي قوة الطبيعة؟؟ أم هي قوة الله؟ (١) ويبدو أنه كتب ذلك حين كان في مرحلة الشك التي أوصلته إلى الإيمان حتى أخرج كتابه (من الشك إلى الإيمان).

والآن مع الدكتور في أسلوبه الأدبي العلمي الجميل. قال: إن وقفة أمام نملة صغيرة لما يثير الذهول.

كيف تعلمت هذه النملة أن تبني بيوتها الهندسية المعقدة ذات الدهاليز والغرف والبدرومات والمخازن؟ .. كيف انتظمت في مجتمع فيه توزيع دقيق للاختصاصات والوظائف؟ كيف تعلمت أن تزرع؟ (بعض أنواع النمل يزرع عيش الغراب) .. كيف تعلمت أن تجلب حشرة أخرى مثل حشرة المن وتسوقها أمامها في قطعان؟؟

إن اتصال هذه الأعداد الهائلة من النمل في مجتمع ذي نظام معناه أنها اكتشفت بينها وبين بعضها نوعا من اللغة والتفاهم.

وآخر البحوث في هذا الباب يقول: إن النمل يتفاهم بعضه مع بعض بلغة كيماوية. ولو أنك راقبت عش النمل فسوف ترى بين وقت وآخر نملتين تلتقيان وتتبادلان ما يشبه القبلة والوشوشة. وفي الواقع أنها ليست قبلة ولا وشوشة, وإنما كل نملة تفرز في فم الأخرى لعابا خاصا فيه رمز كيمائي معين معناه .. فلنفعل كذا وكذا .. وبالمثل حينما تتسلم النملة العاملة البيضة التي تبيضها الملكة للعناية بها. تتسلمها مطلية بمادة كيمائية خاصة من إفراز الغدد الملكية .. وحينما تلعق النملة هذا الطلاء فكأنما تسلمت رسالة رمزية فيها جميع التعليمات الخاصة بالعناية بالبيضة.

وشيئ آخر في النمل لا يمكن أن نسميه العقل وإنما شيئ كالبصيرة - أن تقوم النملة بخزن الطعام والحبوب والفتات والفضلات وتقوم بحراستها والسهر عليها والدفاع عنها ضد المغيرين تأهبا لفصل الشتاء دون أن تكون


(١) ص ٥٢.

<<  <   >  >>