للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبدو أن النحلة العاملة مهندسة عظيمة.

تلك الجدران الجميلة المقسمة إلى آلاف الغرف السداسية البديعة ذات الهندسة المحكمة حيث تضع الملكة بيضها. كل بيضة في غرفة, ويرعى جيش النحل العامل هذا البيض حتى يتطور إلى يرقات فيطعمه بالعسل حتى يتحول إلى عذارى, فيغطيه بالحرير ويغلق عليه غرفاته حتى يستوي عوده ويتحول إلى نحل بالغ, فيخرج ليشارك في نشاط الخلية.

وثمة غرفات خاصة لخزن العسل والشمع .. وغرفات خاصة واسعة لإيواء الأميرات بنات الملكة ... ثم جيش عاطل من الذكور لا عمل له إلا ساعة التلقيح حينما تطير الملكة خارجة من الخلية في الربيع, فيتبعها جيش الذكور وتظل ترتفع في طيرانها تساعدها أجنحتها الطويلة القوية بينما يتسابق خلفها الذكور ويهلك الواحد منهم بعد الآخر تعبا في تلك المطاردة غير المتكافئة ويتساقطون تباعا حتى يبقى واحد هو أقواهم فتهبط إليه الملكة وتستسلم ليلقحها ثم يموت هو بدوره .. وتعود الملكة حبلى لتضع بيضها وتبدأ القصة من جديد ..

تنظيم دقيق وتوزيع صارم في الوظائف, وتعاون إلى درجة الفداء ..

لا بد أن هذه النحلات تتفاهم فيما بينها بلغة ما ..

وسوف تندهش حينما تعلم أن هذه اللغة هي الرقص .. بالإشارة واللغة والحركة والرقص يتكلم النحل ..

هذه النحلة العائدة من الحقول اكتشفت زهورا قريبة مليئة بالرحيق, والإشارة التي سوف تعبر بها عن هذا الإكتشاف هي أن تدور راقصة في حركة دائرية, وهي تخفق بجناحيها ثم تضع قطرة من الرحيق فيشمل النحل العامل ليحفظ رائحتها جيدا, ثم ينطلق إلى الزهور, فإذا كانت الزهور المكتشفة بعيدة على مسافة أكثر من مائة متر فإنه لا بد أن تشير النحلة إلى مكانها بالضبط. ولهذا ترقص على شكل دائرة يشقها خط إلى نصفين .. وهذا الخط يشير إلى اتجاه الحقل الذي فيه الزهور ... وهي سوف تمشي على

<<  <   >  >>