في إمكان الله أن يخلق لنا مثل هذا العلم وقولهم: من ضرورة إثبات العلم بالكون الآن والانقضاء بعده تغير، فليس بمسلم فمن أين عرفوا ذلك؟ بل لو خلق الله لنا علماً بقدوم زيد غداً عند طلوع الشمس وأدام هذا العلم ولم يخلق لنا علماً آخر ولا غفلة عن هذا العلم لكنا عند طلوع الشمس عالمين بمجرد العلم السابق بقدومه الآن وبعده بأنه قدم من قبل وكان ذلك العلم الواحد الباقي كافياً في الإحاطة بهذه الأحوال الثلثة.
اعتراضهم فيبقى قولهم: إن الإضافة إلى المعلوم المعين داخلة في حقيقته ومهما اختلفت الإضافة اختلف الشيء الذي الإضافة ذاتية له ومهما حصل الاختلاف والتعاقب فقد حصل التغير.
تقولون بأن الله لا يعلم "الإنسان المطلق" الخ فنقول: إن صح هذا فاسلكوا مسلك إخوانكم من الفلاسفة حيث قالوا: إنه لا يعلم إلا نفسه وإن علمه بذاته عين ذاته لأنه لو علم الإنسان المطلق والحيوان المطلق والجماد المطلق وهذه مختلفات لا محالة فالإضافات إليها تختلف لا محالة، فلا يصلح العلم الواحد لأن يكون علماً بالمختلفات لأن المضاف مختلف والإضافة مختلفة والإضافة إلى المعلوم ذاتية للعلم فيوجب ذلك تعدداً واختلافاً لا تعدداً فقط مع التماثل، إذ المتماثلات ما يسد بعضها مسد البعض والعلم بالحيوان لا يسد مسد العلم بالجماد ولا العلم بالبياض يسد مسد العلم بالسواد فهما مختلفان.
... فكم بالأحرى بهذا الأمر؟
ثم هذه الأنواع والأجناس والعوارض الكلية لا نهاية لها وهي مختلفة. فالعلوم المختلفة كيف تنطوي تحت علم واحد ثم ذلك العلم هو ذات العالم من غير مزيد عليه؟ وليت شعري كيف يستجير العاقل من نفسه أن يحيل الاتحاد في العلم بالشيء الواحد المنقسم أحواله إلى الماضي والمستقبل والآن وهو لا يحيل الاتحاد في العلم المتعلق بجميع الأجناس والأنواع المختلفة، والاختلاف والتباعد بين الأجناس والأنواع المتباعدة أشد من الاختلاف الواقع بين