وجوده، سواء كان قديماً أو حادثاً. وإذا قيل لهم: مهما أغلي النار تحت الماء انعدم الماء، قالوا لم ينعدم ولكن انقلب بخاراً ثم ماء. فالمادة وهي الهيولى باقية في الهواء وهي المادة التي كانت لصورة الماء، وإنما خلعت، الهيولى صورة المائية ولبست صورة الهوائية. وإذا أصاب الهواء برد كثف وانقلب ماء، لا من مادة تجددت بل المواد مشتركة بين العناصر، وإنما يتبدل عليها صورها.
[الجواب الإعدام بإرادة الله الذي أجد العدم]
والجواب: أن ما ذكرتموه من الأقسام وإن أمكن أن نذب عن كل واحد ونبين أن إبطاله على أصلكم لا يستقيم لاشتمال أصولكم على ما هو من جنسه، ولكنا لا نطول به ونقتصر على قسم واحد ونقول: بم تنكرون على من يقول: الإيجاد والإعدام بإرادة القادر؟ فإذا أراد الله أوجد وإذا أراد أعدم، وهذا معنى كونه قادراً على الكمال، وهو في جملة ذلك لا يتغير في نفسه وإنما يتغير الفعل. وأما قولكم: إن الفاعل لا بد وأن يصدر منه فعل، فما الصادر منه؟ قلنا: الصادر منه ما تجدد وهو العدم، إذ لم يكن عدم ثم تجدد العدم، فهو الصادر عنه.
[قولهم العدم ليس بشيء]
فإن قلتم: إنه ليس بشيء فكيف صدر منه؟
[قولنا هو واقع فهو معقول ...]
قلنا: وهو ليس بشيء فكيف وقع؟ وليس معنى صدوره منه إلا أن ما وقع مضاف إلى قدرته، فإذا عقل وقوعه لم لا تعقل إضافته إلى القدرة؟ وما الفرق بينهم وبين من ينكر طريان العدم أصلاً على الأعراض والصور ويقول: العدم ليس بشيء فكيف يطرى وكيف يوصف بالطريان والتجدد؟ ولا نشك في أن العدم يتصور طريانه على الأعراض، فالموصوف بالطريان معقول وقوعه سمى شيئاً أو لم يسم، فإضافة ذلك الواقع المعقول إلى قدرة القادر أيضاً معقول.
[لا يقع العدم، بل أضداد الطريان]
فإن قيل: هذا إنما يلزم على مذهب من يجوز عدم الشيء بعد وجوده، فيقال له: ما الذي طرى؟ وعندنا لا ينعدم الشيء الموجود، وإنما معنى انعدام