تغير المعلوم يوجب تغير علم العالم وهي الإضافة وتغير المعلوم يوجب تغير العلم فإن حقيقة ذات العلم تدخل فيه الإضافة إلى المعلوم الخاص إذ حقيقة العلم المعين تعلقه بذلك المعلوم المعين على ما هو عليه، فتعلقه به على وجه آخر علم آخر بالضرورة فتعاقبه يوجب اختلاف حال العالم. ولا يمكن أن يقال: إن للذات علم واحد فيصير علماً بالكون بعد كونه علماً بأنه سيكون ثم هو يصير علماً بأنه كان بعد أن كان علماً بأنه كائن، فالعلم واحد متشابه الأحوال وقد تبدلت عليه الإضافة لأن الإضافة في العلم حقيقة ذات العلم فتبدلها يوجب تبدل ذات العلم فيلزم منه التغير وهو محال على الله.
قولنا ما المانع أن يكون لله علم واحد
مع تغير ما ينزل منزلة الإضافة المحضة؟
والاعتراض من وجهين: أحدهما أن يقال: بم تنكرون على من يقول: إن الله تعالى له علم واحد بوجود الكسوف مثلاً في وقت معين وذلك العلم قبل وجوده علم بأنه سيكون وهو بعينه عند الوجود علم بالكون وهو بعينه بعد الانجلاء علم بالانقضاء وإن هذه الاختلافات ترجع إلى إضافات لا توجب تبدلاً في ذات العلم فلا توجب تغيراً في ذات العالم وأن ذلك ينزل منزلة الإضافة المحضة فإن الشخص الواحد يكون على يمينك ثم يرجع إلى قدامك ثم إلى شمالك فتتعاقب عليك الإضافات والمتغير ذلك الشخص المنتقل دونك؟ وهكذى ينبغي أن بفهم الحال في علم الله فإنا نسلم أنه يعلم الأشياء بعلم واحد في الأزل والأبد والحال لا يتغير وغرضهم نفي التغير وهو متفق عليه.