للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن أي وجه يستحيل هذا في العلل؟ وبهذا يتبين عجزهم عن نفي إلهين صانعين.

إما أن يكون هذا شرطاً في وجوب الوجود وإما أن لا يكون، ولا يصح في الحالين فإن قيل: إنما يستحيل هذا من حيث أن ما به من المباينة بين الذاتين إن كان شرطاً في وجوب الوجود فينبغي أن يوجد لكل واجب وجود فلا يتباينان، وإن لم يكن هذا شرطاً ولا الآخر شرطاً فكل ما لا يشترط في وجوب الوجود فوجوده مستغنى عنه ويتم وجوب الوجود بغيره.

[قولنا يجب الكلام عن الموجود الذي لا علة له]

قلنا: هذا عين ما ذكرتموه في الصفات وقد تكلمنا عليه. ومنشأ التلبيس في جميع ذلك في لفظ واجب الوجود، فليطرح فإنا لا نسلم أن الدليل يدل على واجب الوجود إن لم يكن المراد به موجود لا فاعل له قديم، وإن كان المراد هذا فليترك لفظ واجب الوجود وليبين أن موجوداً لا علة له ولا فاعل يستحيل فيه التعدد والتباين ولا يقوم عليه دليل.

بعض التباين هو شرط في "كون" اللون لوناً فيبقى قولهم: إن ذلك هل هو شرط في أن لا يكون له علة؟ فهو هوس فإن ما لا علة له قد بينا أنه لا يعلل كونه لا علة له حتى يطلب شرطه، أو هو كقول القائل: إن السوادية هل هي شرط في كون اللون لوناً؟ فإن كان شرطاً فلم كان الحمرة لوناً؟ فيقال: أما في حقيقته فلا يشترط واحد منهما، أعني ثبوت حقيقة اللونية في العقل، وأما في وجوده فالشرط أحدهما لا بعينه، أي لا يمكن جنس في الوجود إلا وله فصل.

<<  <   >  >>