للإنسان علم بعدم كونه لزم هذه المحالات. ونحن لا نشك في هذه الصور التي أوردتموها فإن الله خلق لنا علماً بأن هذه الممكنات لم يفعلها، ولم ندع أن هذه الأمور واجبة بل هي ممكنة يجوز أن تقع ويجوز أن لا تقع، واستمرار العادة بها مرة بعد أخرى يرسخ في أذهاننا جريانها على وفق العادة الماضية ترسخاً لا تنفك عنه.
[العلم بحدوث الممكن يجوز للنبي لا للعامي]
بل يجوز أن يعلم نبي من الأنبياء بالطرق التي ذكرتموها أن فلاناً لا يقدم من سفره غداً، وقدومه ممكن ولكن يعلم عدم وقوع ذلك الممكن، بل كما ينظر إلى العامي فيعلم أنه ليس يعلم الغيب في أمر من الأمور ولا يدرك المعقولات من غير تعلم، ومع ذلك فلا ينكر أن تتقوى نفسه وحدسه بحيث يدرك ما يدركه الأنبياء على ما اعترفوا بإمكانه، ولكن يعلمون أن ذلك لم يقع، فإن خرق الله العادة بإيقاعها في زمان خرق العادات فيها انسلت هذه العلوم عن القلوب ولم يخلقها. فلا مانع إذن من أن يكون الشيء ممكناً في مقدورات الله ويكون قد جرى في سابق علمه أنه لا يفعله مع إمكانه في بعض الأوقات ويخلق