للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث لا يكون العالم فعل الله إذا لا يصور من الواحد إلا شيء واحد في استحالة كون العالم فعلاً لله على أصلهم بشرط مشترك بين الفاعل والفعل، وهو أنهم قالوا: لا يصدر من الواحد إلا شيء واحد، والمبدأ واحد من كل وجه والعالم مركب من مختلفات، فلا يتصور أن يكون فعلاً لله بموجب أصلهم.

[قولهم بطريق التوسط ...]

فإن قيل: العالم بجملته ليس صادراً من الله بغير واسطة، بل الصادر منه موجود واحد هو أول المخلوقات وهو عقل مجرد، أي هو جوهر قائم بنفسه غير متحيز يعرف نفسه ويعرف مبدأه ويعبر عنه في لسان الشرع بالملك، ثم يصدر منه الثالث ومن الثالث رابع وتكثر الموجودات بالتوسط.

[عن أسباب الكثرة]

فإن اختلاف الفعل وكثرته إما أن يكون لاختلاف القوى الفاعلة كما أنا نفعل بقوة الشهوة خلاف ما نفعل بقوة الغضب، وإما أن يكون لاختلاف المواد كما أن الشمس تبيض الثوب المغسول وتسود وجه الإنسان وتذيب بعض الجواهر وتصلب بعضها، وإما لاختلاف الآلات كالنجار الواحد ينشر بالمنشار وينحت بالقدوم ويثقب بالمثقب، وإما أن تكون كثرة الفعل بالتوسط بأن يفعل فعلاً واحداً ثم ذلك الفعل يفعل غيره فيكثر الفعل.

والتوسط وحده ممكن وهذه الأقسام كلها محال في المبدأ الأول إذ ليس في ذاته اختلاف واثنينية وكثرة، كما سيأتي في أدلة التوحيد، ولا ثم اختلاف مواد فإن الكلام في المعلول الأول والذي هي المادة الأولى مثلاً، ولا ثم اختلاف

<<  <   >  >>