أحوال الشيء الواحد المنقسم بانقسام الزمان؟ وإذا لم يوجب ذلك تعدداً واختلافاً كيف يوجب هذا تعدداً واختلافاً؟ ومهما ثبت بالبرهان أن اختلاف الأزمان دون اختلاف الأجناس والأنواع وأن ذلك لم يوجب التعدد والاختلاف فهذا أيضاً لا يوجب الاختلاف، وإذا لم يوجب الاختلاف جاز الإحاطة بالكل بعلم واحد دائم في الأزل والأبد ولا يوجب ذلك تغيراً في ذات العالم.
هلا تعقلون قديماً متغيراً؟ الإعتراض الثاني هو أن يقال: وما المانع على أصلكم من أن يعلم هذه الأمور الجزئية وإن كان يتغير؟ وهلا اعتقدتم أن هذا النوع من التغير لا يستحيل عليه؟ كما ذهب جهم من المعتزلة إلى أن علومه بالحوادث حادثة وكما اعتقد الكرامية من عند آخرهم أنه محل الحوادث ولم ينكر جماهير أهل الحق عليهم إلا من حيث أن المتغير لا يخلوا عن التغير، وما لا يخلوا عن التغير والحوادث فهو حادث وليس بقديم. وأما أنتم فمذهبكم أن العالم قديم وأنه لا يخلوا عن التغير. فإذا عقلتم قديماً متغيراً فلا مانع لكم من هذا الإعتقاد.
قولهم يكون العلم حادثاً إما من جهته أو من جهة غيره
والحال أنه محال في الحالين
فإن قيل: إنما أحلنا ذلك لأن العلم الحادث في ذاته لا يخلوا إما أن يحدث من جهته أو من جهة غيره، وباطل أن يحدث منه فإنا بينا أن القديم لا يصدر منه حادث ولا يصير فاعلاً بعد أن لم يكن فاعلاً فإنه يوجب تغيراً وقد قررناه في مسألة حدث العالم، وإن حصل ذلك في ذاته من جهة غيره فكيف يكون غيره مؤثراً فيه ومغيراً له حتى تتغير أحواله على سبيل التسخر والاضطرار من جهة غيره؟