إلى جهة الموضع الذي فيه القوة أو ترخيها وتمددها طولاً فتصير الأوتار والرباطات إلى خلاف الجهة. فهذه قوى النفس الحيوانية على طريق الإجمال وترك التفصيل.
[للنفس العاقلة قوتان عملية ونظرية]
فأما النفس العاقلة الإنسانية المسماة الناطقة عندهم، والمراد بالناطقة العاقلة لأن النطق أخص ثمرات العقل في الظاهر، فنسبت إليه فلها قوتان: قوة عالمة وقوة عاملة، وقد يسمى كل واحدة عقلاً ولكن باشتراك الاسم. فالعاملة قوة هي مبدأ محرك لبدن الإنسان إلى الصناعات المرتبة الإنسانية المستنبط ترتيبها بالروية الخاصة بالإنسان. وأما العالمة فهي التي تسمى النظرية وهي قوة من شأنها أن تدرك حقائق المعقولات المجردة عن المادة والمكان والجهات، وهي القضايا الكلية التي يسميها المتكلمون أحوالاً مرة ووجودها أخرى وتسميها الفلاسفة الكليات المجردة.
الأولى تنقاد للبدن، والثانية مأخوذة من الملائكة
فإذن للنفس قوتان بالقياس إلى جنبتين: القوة النظرية بالقياس إلى جنبة الملائكة إذ بها تأخذ من الملائكة العلوم الحقيقية، وينبغي أن تكون هذه القوة دائمة القبول من جهة فوق. والقوة العملية لها بالنسبة إلى أسفل وهي جهة البدن وتدبيره وإصلاح الأخلاق، وهذه القوة ينبغي أن تتسلط على سائر القوى البدنية وأن تكون سائر القوى متأدبة بتأديبها مقهورة دونها حتى لا تنفعل ولا تتأثر هي عنها بل تنفعل تلك القوى عنها لئلا يحدث في النفس من الصفات البدنية