هيآت انقيادية تسمى رذائل بل تكون هي الغالبة ليحصل للنفس بسببها هيآت تسمى فضائل.
[هذه كلها لا تنكر]
فهذا إيجاز ما فصلوه من القوى الحيوانية والإنسانية وطولوا بذكرها مع الإعراض عن ذكر القوى النباتية إذ لا حاجة إلى ذكرها في غرضنا. وليس شيء مما ذكروه مما يجب إنكاره في الشرع فإنها أمور مشاهدة أجرى الله العادة بها.
[اعتراضنا عليهم لأنهم يقصدون الدلالة]
وإنما نريد أن نعترض الآن على دعواهم معرفة كون النفس جوهراً قائماً بنفسه ببراهين العقل. ولسنا نعترض اعتراض من يبعد ذلك من قدرة الله أو يرى أن الشرع جاء بنقيضه بل ربما نبين في تفصيل الحشر والنشر أن الشرع مصدق له، ولكنا ننكر دعواهم دلالة مجرد العقل عليه والاستغناء عن الشرع فيه.
فلنطالبهم بالأدلة ولهم فيه براهين كثيرة بزعمهم.
الأول
دليلهم الأول أن محل العلم لا ينقسم، فهو ليس جسماً
قولهم إن العلوم العقلية تحل محل النفس الإنساني وهي محصورة وفيها آحاد لا تنقسم فلا بد وأن يكون محله أيضاً لا ينقسم، وكل جسم فمنقسم فدل أن محله شيء لا ينقسم. ويمكن إيراد هذا على شرط المنطق بأشكاله ولكن أقربه أن يقال إن كان محل العلم جسماً منقسماً فالعلم الحال أيضاً منقسم لكن العلم الحال غير منقسم فالمحل ليس جسماً. وهذا هو قياس شرطي استثنى فيه نقيض التالي