للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مسألة الفلاسفة أجمعوا على نفي الصفات]

اتفقت الفلاسفة على استحالة إثبات العلم والقدرة والإرادة للمبدأ الأول، كما اتفقت المعتزلة عليه وزعموا أن هذه الأسامي وردت شرعاً، ويجوز إطلاقها لغة ولكن ترجع إلى ذات واحدة كما سبق، ولا يجوز إثبات صفات زائدة على ذاته، كما يجوز في حقنا أن يكون علمنا وقدرتنا وصفاً لنا زائداً على ذاتنا.

...

[لأنها توجب الكثرة في الله]

وزعموا أن ذلك يوجب كثرة، لأن هذه الصفات لو طرت علينا لكنا نعلم أنها زائدة على الذات إذ تجددت، ولو قدر مقارناً لوجودنا من غير تأخر لما خرج عن كونه زائدا على الذات بالمقارنة. فكل شيئين إذا طرى أحدهما على الآخر وعلم أن هذا ليس ذاك وذاك ليس هذا، فلو اقترنا أيضاً عقل كونهما شيئين، فإذن لا تخرج هذه الصفات بأن تكون مقارنة لذات الأول عن أن تكون أشياء سوى الذات، فيوجب ذلك كثرة في واجب الوجود وهو محال. فلهذا أجمعوا على نفي الصفات.

[قولنا ما المانع أن تكون الصفات مقارنة للذات؟]

فيقال لهم: وبم عرفتم استحالة الكثرة من هذا الوجه، وأنتم مخالفون من كافة المسلمين سوى المعتزلة، فما البرهان عليه؟ فإن قول القائل: الكثرة محال في واجب الوجود مع كون الذات الموصوفة واحدة، يرجع إلى أنه يستحيل كثرة الصفات، وفيه النزاع. وليس استحالته معلومة بالضرورة، فلا بد من البرهان.

قولهم إما أن يستغني كل واحد من الصفة والموصو

عن الآخ أو يفتقر كل واحد إلى الآخر أو يستغني واحد عن الآخ

ويحتاج الآخر: وكل ذلك محال ولهم مسلكان: الأول قولهم: البرهان عليه أن كل واحد من الصفة والموصوف، إذا لم يكن هذا ذاك ولا ذاك هذا، فإما أن يستغني كل واحد عن الآخر في وجوده، أو يفتقر كل واحد إلى الآخر، أو يستغني واحد عن الآخر

<<  <   >  >>