هذا إنما يمكن بمشيئة مختلفة باختلاف الأحوال أما المشيئة الأزلية فلها مجرى واحد مضروب لا تتبدل عنه لأن الفعل مضاه للمشيئة والمشيئة على سنن واحد لا تختلف بالإضافة إلى الأزمان؟
[وهذا لا يناقض القول بأن الله "قادر على كل شيء"]
وزعموا أن هذا لا يناقض قولنا إن الله قادر على كل شيء فإنا نقول إن الله قادر على البعث والنشور وجميع الأمور الممكنة على معنى أنه لو شاء لفعل، وليس من شرط صدق قولنا هذا أن يشاء ولا أن يفعل. وهذا كما أنا نقول إن فلاناً قادر على أن يجز رقبة نفسه ويبعج بطن نفسه ويصدق ذلك على معنى أنه لو شاء لفعل ولكنا نعلم أنه لا يشاء ولا يفعل.
[ولا يناقضه أنه "لا يشاء ولا يفعل"]
وقولنا: لا يشاء ولا يفعل لا يناقض قولنا إنه قادر بمعنى أنه لو شاء لفعل فإن الحمليات لا تناقض الشرطيات كما ذكر في المنطق إذ قولنا: لو شاء لفعل، شرطي موجب وقولنا: ما شاء وما فعل، حملتان سالبتان والسالبة الحملية لا تناقض الموجبة الشرطية. فإذن الدليل الذي دلنا على أن مشيئة أزلية وليست متفننة يدلنا على أن مجرى الأمر الإلهي لا يكون إلا على انتظام وإن اختلفت في آحاد الأوقات فيكون اختلافها أيضاً على انتظام واتساق بالتكرر والعود وأما غير هذا فلا يمكن.
[جوابنا يمكن انقسام الحالات إلى ثلاثة]
والجواب أن هذا استمداد من مسألة قدم العالم وأن المشيئة قديمة فليكن العالم قديماً وقد أبطلنا ذلك وبينا أنه لا يبعد في العقل وضع ثلثة أقسام وهو