وإذا قيل له: جواد، أريد به أن يفيض عنه الكل لا لغرض يرجع إليه. والجود يتم بشيئين: أحدهما أن يكون للمنعم فائدة فيما وهب منه، فلعل من يهب شيئاً ممن هو مستغن عنه لا يوصف بالجود. والثاني أن لا يحتاج الجواد إلى الجود فيكون إقدامه على الجود لحاجة نفسه. وكل من يجود ليمدح أو يثنى عليه أو يتخلص من مذمة فهو مستعيض وليس بجواد، وإنما الجود الحقيقي لله فإنه ليس يبغي به خلاصاً عن ذم ولا كمالاً مستفاداً بمدح. فيكون الجواد اسماً منبئاً عن وجوده مع إضافة إلى الفعل وسلب للغرض، فلا يؤدي إلى الكثرة في ذاته.
...
[والخير المحض ...]
وإذا قيل: خير محض، فإما أن يراد به وجوده بريئاً عن النقص وإمكان العدم، فإن الشر لا ذات له بل يرجع إلى عدم جوهر أو عدم صلاح حال الجوهر، وإلا فالوجود من حيث أنه وجود خير فيرجع هذا الاسم إلى السلب لإمكان النقص والشر. وقد يقال: خير، لما هو سبب لنظام الأشياء، والأول مبدأ لنظام كل شيء، فهو خير، ويكون الاسم دالاً على الوجود مع نوع إضافة.
...
[وواجب الوجود]
وإذا قيل: واجب الوجود، فمعناه هذا الوجود مع سلب علة لوجوده وإحالة علة لعدمه أولاً وآخراً.
...
[والعاشق والمعشوق واللذيذ والملتذ]
وإذا قيل: عاشق ومعشوق ولذيذ وملتذ، فمعناه هو أن كل جمال وبهاء وكمال فهو محبوب ومعشوق لذي الكمال ولا معنى للذة إلا إدراك الكمال الملائم. ومن عرف كمال نفسه في إحاطته بالمعلومات لو أحاط بها، وفي جمال صورته وفي كمال قدرته وقوة أعضائه وبالجملة إدراكه لحضور كل كمال هو ممكن له، لو أمكن أن يتصور ذلك في إنسان واحد، لكان محباً لكماله وملتذاً به، وإنما تنتقص لذته بتقدير العدم والنقصان فإن السرور لا يتم بما يزول أو يخشى زواله، والأول له البهاء الأكمل والجمال الأتم إذ كل كمال هو ممكن له فهو حاضر له. وهو مدرك لذلك الكمال مع الأمن من إمكان النقصان والزوال. والكمال