فكذلك من يثبت علتين ويقطع التسلسل بهما فيقول: يتباينان بفصل، وأحد الفصول شرط الوجود لا محالة ولكن لا على التعين.
[قولهم وجوب الوجود كوجود اللونية لا كماهيته]
فإن قيل: هذا يجوز في اللون فإن له وجوداً مضافاً إلى الماهية زائداً على الماهية، ولا يجوز في واجب الوجود إذ ليس له إلا وجوب الوجود، وليس ثم ماهية يضاف الوجود إليها. وكما أن فصل السواد وفصل الحمرة لا يشترط للونية في كونها لونية إنما يشترط في وجودها الحاصل بعلة، فكذلك ينبغي أن لا يشترط في الوجود الواجب فإن الوجود الواجب للأول كاللونية للون لا كالوجود المضاف إلى اللونية.
[قولنا كلا، وسيأتي الكلام عن الأمر]
قلنا: لا نسلم، بل له حقيقة موصوفة بالوجود على ما سنبينه في المسألة التي بعده. وقولهم: إنه وجود بلا ماهية، خارج عن المعقول. ورجع حاصل الكلام إلى انهم بنوا نفي التثنية على نفي التركيب الجنسي والفصلي ثم بنوا ذاك على نفي الماهية وراء الوجود، فمهما أبطلنا الأخير الوجود، فمهما أبطلنا الأخير الذي هو أساس الأساس بطل عليهم الكل، وهو بنيان ضعيف الثبوت قريب من بيوت العنكبوت.
العقلية مشتركة بين الأول والمعلول الأول المسلك الثاني الإلزام وهو أنا نقول: إن لم يكن الوجود والجوهرية والمبدئية جنساً لأنه ليس مقولاً في جواب ما هو فالأول عندكم عقل مجرد، كما أن سائر العقول التي هي المبادئ للوجود المسمى بالملائكة عندهم التي هي معلومات الأول عقول مجردة عن المواد، فهذه الحقيقة تشمل الأول ومعلوله الأول فإن المعلول الأول أيضاً بسيط لا تركيب في ذاته إلا من حيث لوازمه وهما مشتركان في أن كل واحد عقل مجرد عن المادة وهذه حقيقة جنسية. فليس العقلية المجردة للذات من اللوازم بل هي الماهية وهذه الماهية مشتركة بين الأول وسائر العقول. فإن لم يباينها بشيء آخر فقد عقلتم اثنينية من غير مباينة، وإن باينها فما به المباينة غير ما به المشاركة