فإن قيل: الفعل الإلهي له مجرى واحد مضروب لا يتغير ولذلك قال تعالى: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" وقال: "ولن تجد لسنة الله تبديلا" وهذه الأسباب التي أوهمتهم إمكانها إن كانت فينبغي أن تطرد أيضاً وتتكرر إلى غير غاية وأن يبقى هذا النظام الموجود في العالم من التولد والتوالد إلى غير غاية. وبعد الاعتراف بالتكرر والدور فلا يبعد أن يختلف منهاج الأمور في كل ألف ألف سنة مثلاً ولكن يكون ذلك التبدل أيضاً دائماً أبدياً على سنن واحد فإن سنة الله لا تبديل فيها.
[ويصدر عن الإرادة وهي غير متعينة]
وهذا لمكان أن الفعل الإلهي يصدر عن المشيئة الإلهية والمشيئة الإلهية ليست متعينة الجهة حتى يختلف نظامها باختلاف جهاتها فيكون الصادر منها كيف ما كان منتظماً انتظاماً يجمع الأول والآخر على نسق واحد كما نراه في سائر الأسباب والمسببات.
[وستكون الآخرة والقيامة]
فإن جوزتم استمرار التوالد والتناسل بالطريق المشاهد الآن أو عود هذا المنهاج ولو بعد زمان طويل على سبيل التكرر والدور فقد رفعتم القيامة والآخرة وما دل عليه ظواهر الشرع إذ يلزم عليه أن يكون قد تقدم على وجودنا هذا البعث كرات وسيعود كرات وهكذى على الترتيب.
[ولا يمكن انقسام الحالات إلى ثلاثة]
وإن قلتم إن السنة الإلهية بالكلية تتبدل إلى جنس آخر ولا تعود قط هذه السنة وتنقسم مدة الإمكان إلى ثلاثة أقسام: قسم قبل خلق العالم إذ كان الله ولا عالم وقسم بعد خلقه على هذا الوجه وقسم به الاختتام وهو المنهاج البعثي، بطل الاتساق والانتظام وحصل التبديل لسنة الله وهو محال فإن