للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خواص القطب الثالث أن الفلك الأقصى انقسم إلى نقطتين هما القطبان وهما ثابتا الوضع لا يفارقان وضعهما. وأجزاء المنطقة يختلف وضعها فلا يخلوا أما إن كان جميع أجزاء الفلك الأقصى متشابهاً، فلم لزم تعين نقطتين من بين سائر النقط لكونهما قطبين؟ أو أجزاؤها مختلفة ففي بعضها خواص ليست في البعض، فما مبدأ تلك الاختلافات؟ والجرم الأقصى لم يصدر إلا من معنى واحد بسيط، والبسيط لا يوجب إلا بسيطاً في الشكل وهو الكرى ومتشابهاً في المعنى وهو الخلو عن الخواص المميزة، وهذا أيضاً لا مخرج منه.

قولهم لعل في المبدأ أنواعاً من الكثرة لازمة لا من جهة المبدأ فإن قيل: لعل في المبدأ أنواعاً من الكثرة لازمة لا من جهة المبدأ، وإنما ظهر لنا ثلاثة أو أربعة والباقي لم نطلع عليه، وعدم عثورنا على عينه لا يشككنا في أن مبدأ الكثرة كثرة وأن الواحد لا يصدر منه كثير.

[قولنا الموجودات كلها تكون صادرة عن المعلول الأول ...]

قلنا: فإذا جوزتم هذا فقولوا: إن الموجودات كلها على كثرتها وقد بلغت آلافاً صدرت من المعلول الأول، فلا يحتاج أن يقتصر على جرم الفلك الأقصى ونفسه، بل يجوز أن يكون قد صدر منه جميع النفوس الفلكية والإنسانية وجميع الأجسام الأرضية والسماوية، بأنواع كثرة لازمة فيها لم يطلعوا عليها فيقع الاستغناء بالمعلول الأول.

[لا بل عن العلة الأولى]

ثم يلزم منه الاستغناء بالعلة الأولى، فإنه إذا جاز تولد كثرة يقال إنها لازمة لا بعلة مع أنها ليست ضرورية في وجود المعلول الأول، جاز أن يقدر ذلك مع العلة الأولى ويكون وجودها لا بعلة ويقال: إنها لزمت ولا يدرى عددها، وكلما تخيل وجودها بلا علة مع الأول تخيل ذلك بلا علة مع الثاني، بل لا معنى لقولنا: مع الأول والثاني، إذ ليس بينهما مفارقة في زمان ولا مكان. فما لا يفارقهما في مكان وزمان ويجوز أن يكون موجوداً بلا علة لم يختص أحدهما بالإضافة إليه.

قولهم يبعد أن يبلغ الألف في المعلول الأول فإن قيل: لقد كثرت الأشياء حتى زادت على ألف، ويبعد أن تبلغ الكثرة

<<  <   >  >>