للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[والملائكة السماوية يزداد كمالهم بتحريك السماء ويتشبهون بالله]

والملائكة السماوية هي عبارة عن النفوس المحركة للسموات وفيها ما بالقوة، وكمالاتها منقسمة إلى ما هو بالفعل كالشكل الكري والهيئة وذلك حاضر وإلى ما هو بالقوة وهو الهيئة في الوضع والأين. وما من وضع معين إلا وهو ممكن له ولكن ليست له سائر الأوضاع بالفعل فإن الجمع بين جميعها غير ممكن، فلما لم يمكنها استيفاء آحاد الأوضاع على الدوام قصد استيفاءها بالنوع فلا يزال يطلب وضعاً بعد وضع وأيناً بعد أين ولا ينقطع قط هذا الإمكان فلا تنقطع هذه الحركات وإنما قصده التشبه بالمبدأ الأول في نيل الكمال الأقصى على حسب الإمكان في حقه وهو معنى طاعة الملائكة السماوية لله.

[فإنهم يستوفون كل وضع ممكن، فيفيض منه الخير]

وقد حصل لها التشبه من وجهين: أحدهما استيفاء كل وضع ممكن له بالنوع وهو المقصود بالقصد الأول. والثاني ما يترتب على حركته من اختلاف النسب في التثليث والتربيع والمقارنة والمقابلة واختلاف الطوالع بالنسبة إلى الأرض فيفيض منه الخير على ما تحت فلك القمر ويحصل منه هذه الحوادث كلها، فهذا وجه استكمال النفس السماوية. وكل نفس عاقلة فمتشوقة إلى الاستكمال بذاتها.

الاعتراض الانتقال من مكان إلى مكان ليس كمالاً

والاعتراض على هذا هو أن في مقدمات هذا الكلام ما يمكن النزاع فيه، ولكنا لا نطول به ونعود إلى الغرض الذي عنيتموه آخراً ونبطله من وجهين.

أحدهما أن طلب الاستكمال بالكون في كل أين يمكن أن يكون له حماقة لا طاعة، وما هذا إلا كإنسان لم يكن له شغل وقد كفي المؤونة في شهواته وحاجاته فقام وهو يدور في بلد أو بيت ويزعم أنه يتقرب

<<  <   >  >>