بذلك في الوجود فنعم، وإن عني بذلك في العقل فلا، فإن العقل يعقل السواد الكلي ويحكم عليه بالإمكان في ذاته.
[وهو في الحق يضاف إلى الفاعل وإلى المادة]
ثم العذر باطل بالنفوس الحادثة فإن لها ذواتاً مفردة وإمكاناً سابقاً على الحدوث، وليس ثم ما يضاف إليه. وقولهم: إن المادة ممكن لها أن يدبرها النفس، فهذه إضافة بعيدة. فإن اكتفيتم بهذا فلا يبعد أن يقال: معنى إمكان الحادث أن القادر عليها يمكن في حقه أن يحدثها، فيكون إضافة إلى الفاعل، مع أنه ليس منطبعاً فيه، كما أنه إضافة إلى البدن المنفعل، مع أنه لا ينطبع فيه. ولا فرق بين النسبة إلى الفاعل والنسبة إلى المنفعل إذا لم يكن انطباع في الموضعين.
[قولهم قابلتم الإشكالات بالإشكالات]
فإن قيل: فقد عولتم في جميع الاعتراضات على مقابلة الإشكالات بالإشكالات ولم تحلوا ما أوردوه من الإشكال،
[قولنا المعارضة تبين فساد الكلام]
قلنا: المعارضة تبين فساد الكلام لا محالة، وينحل وجه الإشكال في تقدير المعارضة والمطالبة. ونحن لم نلتزم في هذا الكتاب إلا تكدير مذهبهم والتغبير في وجوه أدلتهم بما نبين تهافتهم. ولم نتطرق الذب عن مذهب معين فلم نخرج لذلك عن مقصود الكتاب، ولا نستقصي القول في الأدلة الدالة على الحدث إذ غرضنا إبطال دعواهم معرفة القدم.
[إثبات المذهب الحق يكون في كتاب قواعد العقائد]
وأما إثبات المذهب الحق فسنصنف فيه كتاباً بعد الفراغ من هذا إن ساعد التوفيق إن شاء الله ونسميه قواعد العقائد، ونعتني فيه بالإثبات كما اعتنينا في هذا الكتاب بالهدم، والله أعلم.