للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُشَارِكُهُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَمَنْشَأُ التَّرَدُّدِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ هَلْ دَخَلَ فِي الْوَقْفِ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ دُخُولُهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَإِذَا كَانَ دَاخِلًا فَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَنَصِيبُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ السَّبَبُ الَّذِي هُوَ يَتَنَاوَلُهُ الْآنَ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ فَنَصِيبُهُ إنْ كَانَ لَهُ نَصِيبٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالنَّصِيبِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ يَتَنَاوَلُهُ الْآنَ وَيَسْتَحِقُّ تَنَاوُلَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجِبِ لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ وَيَبْقَى اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ: إنَّهُ أَوْلَى وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: ٧] وَهُوَ عَامٌّ يَشْمَلُ مَنْ لَمْ يَمُتْ لَهُ وَالِدَانِ وَلَا أَقْرَبُونَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ لَهُ وَالِدَانِ أَوْ أَقْرَبُونَ دَخَلَ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَعَلَى هَذَا الْبَحْثِ يَكُونُ كَوَلَدِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ التَّنَاوُلَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ الَّذِي لَوْ زَالَ حَاجِبُهُ لَاسْتَحَقَّ تَنَاوُلَهُ إلَى وَلَدِهِ فَإِذَا زَالَ حَاجِبُهُ اسْتَحَقَّ تَنَاوُلَهُ، وَفِي هَذَا وَفَاءٌ بِالْعُمُومِ فِي شُمُولِ الْوَقْفِ لِجَمِيعِ الطَّبَقَاتِ وَعَدَمُ إخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ اللَّفْظِ وَلَيْسَ فِيهِ تَجَوُّزٌ إلَّا بِإِطْلَاقِ النَّصِيبِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُتَنَاوَلِ وَاَلَّذِي هُوَ بِصَدَدِهِ إنْ سَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ.

وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ نَصِيبَ الْجَدِّ كُلَّهُ لِوَلَدِهِ وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فَفِيهِ إخْرَاجٌ لِوَلَدِ الْوَلَدِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِخْرَاجٌ لِأَبِيهِ مِنْ الْوَقْفِ أَوْ تَقْدِيرٌ إنْ كَانَ لَهُ نَصِيبٌ وَالتَّقْدِيرُ بَعِيدٌ، وَالْإِخْرَاجَانِ إمَّا مُطْلَقَانِ وَإِمَّا مُقَيَّدَانِ إذَا اتَّفَقَ أَنْ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْوَقْفُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا تَخْصِيصُ عَامٍّ وَإِمَّا تَقْيِيدُ مُطْلَقٍ وَهُمَا أَبْعَدُ مِنْ اسْتِعْمَالِ النَّصِيبِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّهُ مَجَازٌ وَأَنَّ التَّخْصِيصَ خَيْرٌ مِنْ الْمَجَازِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي التَّخْصِيصِ وَاحِدٌ وَهُنَا تَخْصِيصَانِ وَلِأَنَّهُ فِي مَجَازٍ غَيْرِ مُسْتَعْمَلٍ مَعَهُ حَقِيقَةٌ وَهَذَا مَجَازٌ مَعَهُ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّا قُلْنَا: الْمُرَادُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ لَا سِيَّمَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ.

(الثَّامِنَةُ) الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فَهَاهُنَا مَتَى قُلْنَا بِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ لَا يَأْخُذُ يَلْزَمُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ التَّخْصِيصِ وَزِيَادَةُ مُخَالَفَةِ قَوْلِهِ ثُمَّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ اقْتَضَى أَنَّ نَصِيبَهُ بِعَيْنِهِ يَنْتَقِلُ بَعْدَ وَلَدِهِ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَوَلَدُ وَلَدِهِ يَشْمَلُ وَلَدَ الْمَيِّتِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فَإِخْرَاجُهُ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ.

فَهَذِهِ ثَلَاثُ مُخَالَفَاتٍ فِي مُقَابَلَةِ التَّجَوُّزِ وَلَفْظُ النَّصِيبِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُهُ فَنَصِيبُهُ وَلَدٌ لِوَلَدِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدُ وَلَدٍ فَقَطْ يَكُونُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ مُحَالٌ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>