للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَدَّعِيَ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ الْمُقِرِّ لَهُ، وَلَمْ يَحْكِ الرَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ بِعَيْنِهَا الَّتِي حَكَى فِيهَا خِلَافَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَإِنَّمَا حَكَى الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ غَيْرِ الْإِقْرَارِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا أَخَذَ مِنْهُ بِغَيْرِ حُجَّةِ الْإِقْرَارِ سَمَاعَ دَعْوَاهُ مُطْلَقًا.

وَهَا هُنَا مَسْأَلَةٌ قَدْ تُشْكِلُ وَهِيَ أَنَّ الدَّاخِلَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْعَيْنِ لِلْخَارِجِ وَتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ قَالُوا: إنْ لَمْ يُسْنَدْ الْمِلْكُ إلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ الْآنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى رُجُوعِ الْمُشْتَرِي إذَا اُنْتُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقَةٍ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ الْمُطْلَقَةَ إنْ لَمْ تَقْتَضِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ أَشْكَلَ الرُّجُوعُ وَإِنْ اقْتَضَتْ أَشْكَلَ جَعْلُ هَذَا مُدَّعِيًا خَارِجًا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ بَيِّنَةً تَقْتَضِي إسْنَادَ الْمِلْكِ فَتَصِيرُ كَمَا لَوْ اُسْتُنِدَتْ وَقَالُوا: إذَا اُسْتُنِدَتْ إلَى مَا قَبْلَ إزَالَةِ الْيَدِ الصَّحِيحُ سَمَاعُهَا وَيَنْقَضِ الْقَضَاءُ، وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّ تِلْكَ الْيَدِ تَقْضِي بِهِ إلَى إبْطَالِ حُكْمِهَا أَمَّا إذَا أَقَامَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ، وَأُشْكِلَتْ عَلَى الْقَاضِي يُسْرٍ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِئَلَّا يُنْقَضَ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ.

وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا: دَارٌ فِي يَدِ إنْسَانٍ وَقَدْ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ بِمِلْكِيَّتِهَا فَادَّعَى خَارِجٌ انْتِقَالَ الْمِلْكِ مِنْهُ إلَيْهِ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِ بِسَبَبٍ صَرِيحٍ وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ أَفْتَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفُقَهَاءُ هَمَذَانَ لِسَمَاعِهَا وَالْحُكْمُ بِهَا لِلْخَارِجِ، وَمَالَ أَبُو سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ إلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ حَتَّى يُثْبِتُوهُ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَارِثٌ لَا تُقْبَلُ مَا لَمْ يُثْبِتُوا جِهَةَ الْإِرْثِ.

قُلْت: إنْ كَانَ السَّبَبُ هَذَا مُقَدَّمَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَمْ يُقَسْ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْإِرْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَتُشْكَلُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْإِرْثِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ شُرُوطُ الْحُكْمِ فِي الدَّعْوَى]

(مَسْأَلَةٌ) تَوَلَّدَتْ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْطِ حُكْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا ذِكْرُهَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَقِبِ مَسْأَلَةٍ مِنْ بَابِ الْأَقْضِيَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَشُرُوطُ الْحُكْمِ كَثِيرَةٌ وَنَقْتَصِرُ مِنْهَا عَلَى مَا نَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي حَقِّ آدَمِيٍّ فَلَا بُدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>