الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ فَلَيْسَا مِنْ الْقَبَالَاتِ وَلَا يَدْخُلَانِ فِيهَا، وَقَدْ رُخِّصَ فِي هَذَيْنِ وَلَا نَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ الْقَبَالَاتِ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَسَأَلَهُ ابْنُ حُنَيْفٍ فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ فَسَمِعْته يَقُولُ لَهُ: وَاَللَّهِ لَأَنْ وَضَعْتَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ مِنْ الْأَرْضِ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا لَا يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجْهِدُهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَمْ يَأْتِنَا فِي هَذَا حَدِيثٌ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. قُلْت: صَحَّ وَضْعُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الدَّرَاهِمَ، وَالْقَفِيزَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ وَصَحَّ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ لَا نَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ الْقَبَالَاتِ وَصَحَّ تَفْسِيرُهُ الْقَبَالَاتِ الْمَكْرُوهَةَ وَتَفْسِيرُهَا بِشَيْءٍ مُسَمًّى، وَالتَّرْخِيصُ فِي سُنَنِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ وَأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْقَبَالَاتِ فَيَقْتَضِي هَذَا أَنَّ الْمُعَامَلَةَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ فِي الشَّجَرِ جَائِزَةٌ كَمَا فِي الزَّرْعِ، وَهِيَ الْمُسَاقَاةُ، أَمَّا قَوْلُهُ فِي أَرْضِ السَّوَادِ: ` وَأُلْغِيَ النَّخْلُ، وَالشَّجَرُ فَكَيْفَ تُلْغَى وَفِيهَا حَقُّ خَلَائِقَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا لِأَجْلِ مَا حَصَلَ مِنْهَا مِنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُسَاقَاةِ الْمَضْمُومَةِ إلَى الْإِجَارَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَأَنَّ الثَّمَرَةَ كَانَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فِي الشَّجَرِ فَيُحْتَجُّ بِهِ لِمَنْ يُجَوِّزُ الْمُسَاقَاةَ عَلَى أَنْ تَكُونَ كُلُّ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ وَلَيْتَ شِعْرِي مَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ الدِّرْهَمُ، وَالْقَفِيزُ الَّذِي وَضَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ فِي مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ، وَالشَّجَرِ جَمِيعًا لِيُنْتَفَعَ بِزَرْعِ الْأَرْضِ وَثَمَرِ الشَّجَرِ وَلَا غَرَرَ؛ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ وَحْدَهَا لِثَمَرِهَا فَقَدْ يَمْنَعُهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّا نَقُولُ: الْأَرْضُ أَيْضًا قَدْ يَمْنَعُ اللَّهُ تَعَالَى زَرْعَهَا فَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ أَمَّا الْإِجَارَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ فِيهَا كَمَا يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا تُسْتَأْجَرُ الشَّجَرُ لِثَمَرِهَا لَا أَجِدُ فَرْقًا بَيْنَهُمَا وَلَا دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِهِمَا وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ تَصْرِيحٌ بِمَنْعِ إجَارَةِ الْأَشْجَارِ وَلَا لِجَوَازِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ) كُلُّ مَنْ زَرَعَ أَرْضًا بِبَذْرِهِ فَالزَّرْعُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَلَّاحًا يَزْرَعُ بِالْمُقَاسَمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَعَادَةِ الشَّامِ فَإِنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ عَلَى حُكْمِ الْمُقَاسَمَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ عَمَلُ الشَّامِ وَأَنَا أَرَاهُ وَأَرَى وَجْهَهُ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ أَنَّ الْفَلَّاحَ كَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْبَذْرِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِالشَّرْطِ الْمَعْلُومِ بَيْنَهُمَا فَيَثْبُتُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا عَرَفَ هَذَا وَتَعَدَّى شَخْصٌ عَلَى أَرْضٍ وَغَصَبَهَا، وَهِيَ فِي يَدِ الْفَلَّاحِ فَزَرَعَهَا عَلَى عَادَةٍ لَا نَقُولُ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ بَلْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى حُكْمِ الْمُقَاسَمَةِ وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ تَنْفَعُ فِي الْأَحْكَامِ.
[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]
ِ (مَسْأَلَةٌ) وَفِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ بَلَدًا مِنْ مُقْطِعِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَصُورَةُ مَا كُتِبَ فِي نُسْخَةِ الْإِجَارَةِ لِيَنْتَفِعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ مَقِيلًا وَمُرَاحًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute