للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهَا.

وَفِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا الْمُسْتَأْجِرُ إنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِدُخُولِ الْمُدَرِّسِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ لِوَظَائِفِهِمْ فَبِهَا أَقَامُوهَا وَإِلَّا فَهُمْ مَعْذُورُونَ وَيُقِيمُونَهَا فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهَا مَا عَسَاهُ يَحْصُلُ مِنْ رِيعِ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا مِمَّا يَفْضُلُ لَهُمْ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُنَفِّذُ بِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ وَصَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً وَمَسْجِدًا وَالْإِذْنُ لِمَنْ وَلِيَ تَدْرِيسَهَا أَنْ يَذْكُرَ الدَّرْسَ فِي مَسْجِدٍ قَرِيبٍ مِنْهَا هُوَ كَمَا قُلْنَا: وَلَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَدَّلَ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ وَالْإِجَارَةُ بَاقِيَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ لِتَكْرِيرِ السُّؤَالِ، وَلَا نَقُولُ بِإِخْرَاجِ مَنْ اتَّخَذَهَا سَكَنًا، بَلْ نَقُولُ بِصَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً مَعَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إخْرَاجُهُ، بَلْ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُهُ، وَهُوَ لَمْ يَمْنَعْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَلَا سَعَى فِي خَرَابِهَا، وَإِنَّمَا سَعَى فِي عِمَارَتِهَا وَعِمَارَتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي صَدَرَ صَحِيحًا، وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْحَاكِمِ وَالشُّهُودِ وَقَدْ تَقَلَّدُوهُ إنْ كَانَ خَيْرًا فَلَهُمْ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَعَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَنَا أَنَّهُ شَرٌّ،، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي فِي يَدِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَوْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمُبَاشِرَاتُ الْمَكْسِيَّةُ عَلَيْهِ إثْمُهَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِنَا مِنْهَا شَيْءٌ.

هَذَا جَوَابُنَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ،، وَإِنْ كَانَ حَاكِمُ الْآنِ يَظْهَرُ لَهُ بِالْكَشْفِ وَالْفَحْصِ مِنْ صُورَةِ الْحَالِ خِلَافُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ اتِّبَاعُ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ الْحَقِّ، وَلَا يَلْزَمُهُ مَا قُلْنَاهُ وَيَجِبُ الدَّوَرَانُ مَعَ ظُهُورِ الْحَقِّ وُجُودًا وَعَدَمًا انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ الْأَكْلِ مِنْ الْأَوْقَافِ هَذَا الزَّمَانِ]

(مَسْأَلَةٌ) سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَأْيِهِ فِي الْأَكْلِ مِنْ الْأَوْقَافِ هَذَا الزَّمَانِ.

(أَجَابَ) الْأَوْقَافُ مِنْهَا مَا يَقِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمِنْهَا مَا يُقِرُّ بِأَنَّ وَاقِفًا وَقَفَهُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ مُرَادُهُ نَفْسَهُ، وَالْوَقْفُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ بَاطِلٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْمَشْهُورِ وَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَمُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمِنْهَا مَا يَمْلِكُهُ لِغَيْرِهِ وَيُسَلِّمُهُ إيَّاهُ ثُمَّ يَقِفُهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ.

وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْأَوْقَافِ قَدْ يَكُونُ مَصِيرُهَا إلَى الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْأَكْلُ مِنْهَا فِيهِ شُبْهَةٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الشُّبُهَاتِ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ، فَلَيْسَتْ مِنْ الْحَلَالِ الْبَيِّنِ، وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ بِهَا وَبِصِحَّتِهَا، وَهُوَ يَرَى صِحَّتَهَا فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، أَوْ يَعْلَمُ حَقِيقَةَ الْإِقْرَارِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي وَصَدَّقَهُ وَيَرَى صِحَّةَ الْمُقِرِّ بِهِ فَالْحُكْمُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا، وَفِي نُفُوذِهِ بَاطِنًا اخْتِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ فَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ الشُّبُهَاتِ الَّتِي مَنْ اتَّقَاهَا اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَإِنْ عَلِمَ كَذِبَ الْإِقْرَارِ، فَهُوَ حَرَامٌ بَيِّنٌ، وَإِنْ شَكَّ فِيهِ كَانَ فِي مَحَلِّ الشُّبْهَةِ فَالتَّوَقُّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>