للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرٍ مِنْ الْوَرَّاقِينَ وَقَفَ الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ يَصْرِفُ مِنْ رِيعِهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي كَذَا فَيُجْمِلُ الْوَقْفَ أَوَّلًا ثُمَّ يُفَصِّلُهُ وَيَعْطِفُ بَعْضَ الْفُصُولِ عَلَى بَعْضٍ وَيُبَيِّنُ لَك هَذَا أَنَّ التَّوْقِيتَ وَالتَّعْلِيقَ مُمْتَنِعَانِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الصَّحِيحِ وَجَائِزَانِ فِي الْمَصَارِفِ فَتَقُولُ: وَقَفْت هَذَا عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو، بَلْ قَدْ يَكُونُ التَّوْقِيتُ وَاجِبًا كَقَوْلِك: وَقَفْتُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ سَنَةً ثُمَّ عَلَى وَلَدِي فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُوقَفْ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا انْقِطَاعَ لَهُمْ.

[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ]

(فَرْعٌ) إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى نَفْسِهِ بَاطِلٌ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُمْ إنَّهُ مِنْ صُوَرِ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ فَيَجْرِي فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا الْبُطْلَانُ وَاعْلَمْ أَنَّ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ مَرَاتِبُ:

(إحْدَاهَا) الَّذِي يَجْرِي فِي الصِّحَّةِ، وَيَكُونُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ غَيْرَ نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ وَقَفْت عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ عَلَى الْعُلَمَاءِ، أَوْ وَقَفْت عَلَى فُلَانٍ الْحَرْبِيِّ ثُمَّ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ، وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ اللَّفْظِ وَالثَّانِي الصِّحَّةُ؛ وَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ كَالْمَجْهُولِ صُرِفَ لِمَنْ بَعْدُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ فَفِي مَصْرِفِهِ الْآنَ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا لِأَقْرَبِ النَّاسِ لِلْوَاقِفِ، وَالثَّانِي لِمَنْ بَعْدُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ كَالْمَجْهُولِ، وَالثَّالِثُ لِلْمَسَاكِينِ، وَالرَّابِعُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ هُوَ وَقْفٌ مُنْجَزٌ الْآنَ مَحْسُوبٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِجَرَيَانِهِ فِي الصِّحَّةِ، وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنْ يَصْرِفَهُ الْوَاقِفُ وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَقْفًا وَعَلَى هَذَا أَيْضًا يَكُونُ الْوَقْفُ نَاجِزًا الْآنَ، وَصَرْفُهُ إلَى نَفْسِهِ كَالصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ جِهَاتِ الْبِرِّ، وَالثَّانِي مِلْكًا فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الْوَقْفُ نَاجِزًا الْآنَ، بَلْ مُعَلَّقًا بِانْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ وَقْفًا عَلَى مَنْ بَعْدَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهَذَا الْقَائِلُ يَلْتَزِمُ جَوَازَ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ، أَوْ يَكُونُ قَدْ احْتَمَلَهُ هُنَا لِكَوْنِهِ بَيْعًا، وَلَا يَحْتَمِلُهُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ مُسْتَقِلًّا، وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَقْوَالٌ مُخَرَّجَةٌ، وَجَوَازُ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ اسْتِقْلَالًا وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَكْثَرُ مَنْ قَالَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَيَظْهَرُ مِنْ تَفْرِيعِ جَعْلِ الْوَقْفِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُعَلَّقًا لَا مُنَجَّزًا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ كَبَيْعِ الْعَبْدِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ، وَإِنْ كُنْت لَمْ أَرَ شَيْئًا مِنْ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ مَنْقُولًا.

(الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَارِثِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَقَدْ نَصَّ فِي حَرْمَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ وَالثَّانِي يَكُونُ لِوَارِثِهِ، فَإِذَا انْقَرَضَ كَانَ لِلْمَسَاكِينِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمَا الْقَوْلَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>