للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالُوا فِيهِ: إنَّ الْمَذْهَبَ الْبُطْلَانُ.

أَمَّا ذِكْرُهُ عَلَى وَجْهِ التَّرْتِيبِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَدْرُ الْكَلَامِ فَلِمَ لَا يَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْأَخِيرِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مُنْقَطِعَ الْأَخِيرِ هُوَ الَّذِي يَسْكُتُ عَنْ مَصْرِفِهِ الْأَخِيرِ، فَإِنْ ذَكَرَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِهَاءِ الْوَقْفِ بَطَلَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَالْمَوْقُوفِ وَهَذَا مِثْلُهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَالْمُرَادُ رُجُوعُهَا إلَيْهِ غَيْرَ وَقْفٍ، أَمَّا إذَا قَالَ يَرْجِعُ إلَيَّ وَقْفًا عَلَيَّ، وَقُلْنَا: وَقْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءً فَهَلْ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

[فَرْعٌ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ]

(فَرْعٌ) الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ صَحِيحٌ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ لِلشَّرْعِ فِيهِمْ عُرْفًا، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ؛ وَلِأَنَّهُمْ فِرْقَةٌ مَخْصُوصَةٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمْ الصِّفَةُ،، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى قَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ كَبَنِي تَمِيمٍ هَلْ يَجُوزُ؟ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُمْ، وَلَا عُرْفَ لِلشَّرْعِ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ، وَلَا يَقْصِدُ فِيهِمْ صِفَةً، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُصْرَفُ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَبِيلَةٌ مَخْصُوصَةٌ،، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ جَمِيعِ الْخَلْقِ فَالْمَنْقُولُ فِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُمُومِ، وَلِعَدَمِ عُرْفِ الشَّارِعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ عِلَّةٌ لَمْ يَذْكُرْهَا وَلَكِنْ دَلَّ عَلَيْهَا تَصْوِيرُهُ بِكُلٍّ، وَهِيَ قَصْدُ الِاسْتِيعَابِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ أَمَّا لَوْ قَالَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقَصْدِهِ وَصْفُ الِاتِّصَافِ بِالْإِسْلَامِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي التَّعْلِيلِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إذَا قَالَ كُلُّ الْفُقَرَاءِ: إنَّهُ يَبْطُلُ، وَلَا عُرْفَ لِلشَّرْعِ حِينَئِذٍ وَهَذَا أَوْلَى حَيْثُ ظَهَرَ قَصْدُ الِاسْتِيعَابِ بَطَلَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ أَمْكَنَ صَحَّ كَالْأَوْلَادِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْوَقْفَ أَمْ لَا وَحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الِاسْتِيعَابِ، فَإِنْ ثَبَتَ لِلشَّرْعِ فِيهِ عُرْفٌ صَحَّ جَزْمًا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ مُطْلَقًا كَثُرَ الْعُمُومُ، أَوْ قَلَّ وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الصِّحَّةَ ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ فَصَحَّ مَا عَيَّنَاهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ إنَّمَا هُوَ لَفْظَةُ كُلِّ.

[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ]

(فَرْعٌ) إذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ صُرِفَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَقْرَبِ الْأَقَارِبِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَلَمْ يَجْعَلْ الْجَمَاعَةَ هُنَا كَالْجَمَاعَةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَكْفِيَ اثْنَانِ.

[فَرْعٌ مَنْ قَالَ وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي]

(فَرْعٌ) عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ فِي الْفَتَاوَى فِي زَمَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهِيَ أَنَّ مَنْ قَالَ: وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَفْتَى الْأُسْتَاذُ أَنَّ الْوَقْفَ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وُقُوعَ الْعِتْقِ فِي الْمُدَبَّرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسَاعَدَهُ أَئِمَّةُ الزَّمَانِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا التَّعْلِيقُ عَلَى التَّحْقِيقِ، بَلْ هُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إيقَاعُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي حِكَايَتِهِ فَأَفْتَى الْأُسْتَاذُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>