يَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ أَوْ لَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذِهِ نُبْذَةٌ يَسِيرَةٌ كَتَبْتهَا عَلَى سَبِيلِ الْعَجَلَةِ وَإِنْ اخْتَرْتُمْ كَتَبْت فِيهَا كِتَابًا مُسْتَقِلًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَةٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَا لِي رَأْيٌ]
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: رَجُلٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا لِي رَأْيٌ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ حَطَّ رُتْبَتِهِ عَمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ صَدَقَ فَهُوَ جَاهِلٌ بِقَاعِدَتَيْنِ مِنْ قَوَاعِدِ الْعِلْمِ:
(إحْدَاهُمَا) أَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْحَالِ.
(وَالثَّانِيَةُ) أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ يَصْدُقُ بِالْقُوَّةِ وَبِالْفِعْلِ فَهُوَ بِالْفِعْلِ حَقِيقَةٌ وَفِي الْقُوَّةِ مَجَازٌ.
إذَا عُرِفَ هَذَا فَحَقِيقَةُ قَوْلِهِ: مَا لِي رَأْيٌ نَفْيُ الرَّأْيِ بِالْفِعْلِ الْآنَ وَلَا عَيْبَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ ذَا رَأْيٍ فَمُؤَاخَذَتُهُ بِهَذَا جَهْلٌ أَوْ تَجَاهُلٌ، هَذَا إذَا أَخَذْنَا اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَسَلَّمْنَا الْمُؤَاخَذَةَ بِمُقْتَضَاهُ تَعَنُّتًا وَتَجَاهُلًا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهَذَا إنَّمَا يَقْصِدُ التَّوَاضُعَ وَحَطَّ رُتْبَتِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَوَاقِبِ وَأَنَّهُ سَالِكٌ طَرِيقَةَ التَّفْوِيضِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. كُتِبَ بُكْرَةَ الْخَمِيسِ رَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ ٧٤٧. انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ]
مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِيمَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ مِنْ كِتَابِ الْمُنَجِّيَّاتِ مِنْ إحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ نَقْلًا عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ وَمَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالرَّجَاءِ فَهُوَ مُرْجِئٌ وَمَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْمَحَبَّةِ فَهُوَ زِنْدِيقٌ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مُفَسَّرًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ:
(الْجَوَابُ) مَكْحُولٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَابِعِيٌّ فَقِيهٌ عَالِمٌ جَمَعَ عِلْمَ مِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَاسْتَوْطَنَ دِمَشْقَ فَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهُ: فَقِيهُ الشَّامِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا أَنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّه بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَالْخَوْفُ يَقْبِضُهُ وَالرَّجَاءُ يَبْسُطُهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ الْأَوْلَى اسْتِوَاءُ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ أَوْ رُجْحَانُ أَحَدِهِمَا؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَوْلَى اسْتِوَاؤُهُمَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَوْلَى فِي زَمَنِ الصِّحَّةِ غَلَبَةُ الْخَوْفِ لِيَحْجِزَهُ عَنْ الْمَعَاصِي وَفِي حَالَةِ الْمَرَضِ غَلَبَةُ الرَّجَاءِ حَذَرًا مِنْ الْقُنُوطِ وَلِيَمُوتَ وَهُوَ حَسَنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَهُمَا جَنَاحَانِ كَجَنَاحَيْ الطَّائِرِ فَكَمَا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute