للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنْتَ الْمَوْلَى كَانَ ذَلِكَ بِتَعْصِيبِ ابْنِ الْمَوْلَى لَهَا، وَهَكَذَا لَوْ وَرَّثْنَا أُخْتَ الْمَوْلَى كَانَ بِتَعْصِيبِ أَخِي الْمَوْلَى وَوَجَدْنَا ذُكُورَ الْعَصَبَاتِ إنَّمَا يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ بِالنَّسَبِ الْقَرِيبِ كَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَالْأَخِ لَا يُعَصِّبُونَ بِالنَّسَبِ الْبَعِيدِ كَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْمَوْلَى أَبْعَدُ مِمَّنْ تَبَاعَدَ مِنْ الْمُنَاسِبِينَ فَبِأَنْ لَا يُعَصِّبَ أَوْلَى وَأَحْرَى. انْتَهَى.

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ شُرَيْحٍ قِيَاسٌ جَلِيٌّ فَإِنَّ ابْنَ الْعَمِّ وَإِنْ أَبْعَدَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَلَا يُعَصِّبْ أُخْتَهُ فَابْنُ الْمُعْتِقِ وَابْنُهُ أَوْلَى، وَعَلِمْنَا أَنَّ تَشْبِيهَ الْوَلَاءِ بِالنَّسَبِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعُصُوبَةِ الَّتِي هِيَ مَحِلُّ التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاضُدِ وَالتَّعَاوُنِ، وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ نُوَرِّثَ الْعَتِيقَ أَيْضًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد وَلَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ الْجُمْهُورُ فَعِنْدَهُمْ يُرَاعَى مَعَ شَبَهِ النَّسَبِ بِعَمَّةِ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهَا أَيْضًا مُنَاسِبَةٌ؛ لَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَاتُهُ يَرِثُونَ الْعَتِيقَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» أَشَارَ إلَى أَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمُعْتِقِ عَلَى الْعَتِيقِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي عِتْق السَّائِبَةِ]

الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا وَرَدَ مِنْ الْآثَارِ وَعِتْقِ السَّائِبَةِ وَكَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْكِبَرِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثنا الْأَصَمُّ ثنا يَحْيَى أَنْبَأَ أَبُو يَزِيدَ أَنْبَأَ سُفْيَانُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُذَيْلٍ قَالَ: جَاءَ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إنِّي أَعْتَقْت غُلَامًا وَجَعَلْته سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَك مَالًا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنَّ أَهْلَ الْوَلَاءِ لَا يُسَيِّبُونَ أَنْتَ وَارِثُهُ وَوَلِيُّ نِعْمَتِهِ فَإِنْ تَحَرَّجْت مِنْ شَيْءٍ فَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَيْنَا عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى حُذَيْفَةَ أَنَّهُ كَانَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا: عَمْرَةُ بِنْتُ مُعَاذٍ وَقِيلَ: سَلْمَى أَعْتَقَتْهُ سَائِبَةً فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: أَعْطُوهُ عَمْرَةَ، فَأَبَتْ تَقْبَلَهُ.

وَقِيلَ أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمِيرَاثِهِ فَدَعَا وَدِيعَةَ بْنَ حِذَامٍ وَكَانَ وَارِثَ سَلْمَى بِنْتِ مُعَاذٍ فَقَالَ: هَذَا مِيرَاثُ مَوْلَاكُمْ فَخُذُوهُ.

وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ طَارِقَ بْنَ الْمُرَقَّعِ أَعْتَقَ أَهْلَ بَيْتٍ سَوَايِبَ فَأَتَى بِمِيرَاثِهِمْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَعْطَوْهُ وَرَثَةَ طَارِقٍ فَأَبَوْا أَنْ يَأْخُذُوهُ فَقَالَ عُمَرُ: فَاجْعَلُوهُ فِي مِثْلِهِمْ مِنْ النَّاسِ.

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ الْعَاصِ بْنَ هِشَامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>