للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَتَعَدَّدُ الْغَرِيمُ فِي الْأَصَحِّ.

[بَيْع التَّرِكَة قَبْل وفاء الدِّين]

وَفِي بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الْبُطْلَانُ، وَإِذَا بِيعَتْ، وَقُسِّمَتْ أَثْمَانُهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُقَارِنًا تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، وَإِنْ حَدَثَ رَدٌّ بِعَيْبٍ، أَوْ تَرَدٍّ فِي بِئْرٍ، وَنَحْوِهِ فَلَا بَلْ يُفْسَخُ إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ بِقَضَائِهِ، وَإِذَا أَبْطَلْنَاهُ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ سُقُوطِهِ بِشِبْهِ الْإِرْثِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي حِصَّتِهِ نِسْبَةُ إرْثِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَإِنْ قُلْنَا يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ فَقِيَاسُهُ سُقُوطُ الْجَمِيعِ.

وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ اللُّزُومِ مَحَلُّهُ إذَا وَضَعَ الْوَارِثُ يَدَهُ عَلَيْهِ لِيَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت: مَا ادَّعَيْته مِنْ السُّقُوطِ، وَبَيَّنَ مَعْنَاهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِلَّا فَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ بِالسُّقُوطِ يَتَفَاوَتُ الْمَأْخُوذُ، وَظَنَّ آخَرُونَ أَنْ لَا سُقُوطَ أَصْلًا. قُلْت: أَمَّا مَنْ ظَنَّ أَنْ لَا سُقُوطَ فَكَلَامُهُ مُتَّجَهٌ إذَا قُلْنَا: التَّرِكَةُ لَا تَنْتَقِلُ، فَإِنْ قُلْنَا بِالِانْتِقَالِ فَلَا، وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ التَّفَاوُتَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، أَمَّا كَلَامُ الْأَصْحَابِ الدَّالُّ عَلَى مَا قُلْنَا فَفِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الْخَرَاجِ إذَا خَلَفَ زَوْجَةً حَامِلًا، وَأَخًا لِأَبٍ، وَعَبْدًا فَجَنَى عَلَيْهَا فَأَجْهَضَتْ قَالُوا يَسْقُطُ مِنْ حَقِّ كُلِّ، وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَّةِ مَا يُقَابِلُ مِلْكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى مِلْكِهِ حَقٌّ، وَذَكَرُوا طَرِيقَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ السُّقُوطِ إحْدَاهُمَا طَرِيقَةُ الْإِمَامِ وَالرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَسْقُطُ نَصِيبُ الْأَخِ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ مِلْكِهِ، وَمِنْ نَصِيبِ الْأُمِّ مَا يُقَابِلُ مِلْكَهَا، وَهُوَ الرُّبْعُ، وَيَبْقَى لَهَا سُدُسُ الْغُرَّةِ تَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى قِيَاسِ الْفِدَا، وَأَصَحُّهُمَا طَرِيقَةُ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ حَقِّهَا مِنْ الْغُرَّةِ رُبْعُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَابِلُ لِمِلْكِهَا، وَمِنْ حَقِّهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ يَبْقَى لَهَا سُدُسُ الْغُرَّةِ، وَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ سُدُسِهَا، وَالْوَاجِبُ فِي الْفِدَاءِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ، وَرُبَّمَا لَا تَفِي حِصَّتُهَا بِأَرْشِهَا، وَتَفِي حِصَّتُهُ بِأَرْشِهِ، فَإِذَا سَلَّمَتْ تَعَطَّلَ عَلَيْهِ مَا زَادَ، وَلَمْ يَتَعَطَّلْ عَلَيْهَا مِثَالُهُ الْغُرَّةُ سِتُّونَ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْعِشْرُونَ، وَسَلَّمَا ضَاعَ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ، وَصَارَ لَهُ خَمْسَةٌ، وَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ صِحَّةُ طَرِيقِ الْغَزَالِيِّ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ وَالرَّافِعِيِّ.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي فِي الْإِجَارَةِ أَجَّرَ دَارًا مِنْ أَبِيهِ بِأُجْرَةٍ قَبَضَهَا، وَاسْتَنْفَقَهَا، وَمَاتَ عَقِيبَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَعَنْ ابْنٍ آخَرَ، وَقُلْنَا: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي نَصِيبِ الْمُسْتَأْجِرِ فَمُقْتَضَى الِانْفِسَاخِ فِيهِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ سَقَطَ مِنْهَا نِسْبَةُ إرْثِهِ، وَهُوَ الرُّبْعُ، وَيَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ بِالرُّبْعِ هَكَذَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ، وَعَلَى السُّقُوطِ فَمِنْ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ يُؤْخَذُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ السُّقُوطِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ دَلِيلِهِ، وَقَدْ كَمُلَ غَرَضُنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَبَقِيَتْ فَائِدَةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ بِالرُّجُوعِ فِي مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ، وَوِرَاثَةِ الْمُسْتَأْجِرِ اعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا تَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ قَطْعًا، وَمِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>