يَكُونُ حَصَلَ فِي الْمَالِ خُسْرَانٌ فَلَا نَعْلَمُ مِقْدَارَ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَالِكُ مِنْ الْجِمَالِ فَاتِّبَاعُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ سَالِمٌ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ وَمُتَعَضِّدٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ نَفَاذُ ذَلِكَ الْمَالِ غَيْرَ مَصْرُوفٍ إلَى الْجِمَالِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَكُونُ الْجِمَالُ مِلْكًا لِلْعَامِلِ مِنْ قَبْلِ الْقِرَاضِ أَوْ بَعْدَهُ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ فَالْأَقْرَبُ اتِّبَاعُ النَّصِّ وَحَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِتَفْرِيطٍ فَيَضْمَنُهُ الْعَامِلُ فِي مَالِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِمَّا نَقُولُهُ أَيْضًا: إنَّ الْمَالِكَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ فَسْخِ الْقِرَاضِ، فَإِذَا فَسَخَ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَامِلِ بِرَدِّ الْمَالِ، وَهُوَ غَائِبٌ كَالْمَبِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْغَيْبَةَ الَّتِي لَا يُعْرَفُ مَحَلُّهَا أَلْحَقُوهَا فِي بَابِ كَفَالَةِ الْبَدَنِ بِالْمَوْتِ فَكَذَلِكَ هُنَا.
[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]
[بَابُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ]
الطَّرِيقَةُ النَّافِعَةُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ اتَّسَعَ الْكَلَامُ وَطَالَ فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ عَلَى مَا بِهَا مِنْ شَجَرٍ وَزَرْعٍ يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمَالَ خَاطِرِي إلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي وَرَدَ فِي مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ وَأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ فِي الْمُزَارَعَةِ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ مِنْ الْعَامِلِ، وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُزَارَعَةُ، وَالْمُخَابَرَةُ تَابِعَتَيْنِ لِلْمُسَاقَاةِ أَمْ لَا. وَرَأَيْت أَنْ أَجْمَعَ مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَفِي إجَارَةِ الْأَرْضِ، فَإِذَا جَمَعْت مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَكَلَامِ الصَّحَابَةِ، وَالْعُلَمَاءِ بَعْدَهُمْ انْشَرَحَ لِمَا هُوَ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَسَمَّيْتهَا (الطَّرِيقَةُ النَّافِعَةُ فِي الْإِجَارَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ) وَاَللَّهُ يَنْفَعُ بِهَا، وَقَدْ رَأَيْت أَنْ أُفْرِدَ أَحَادِيثَ كُلِّ كِتَابٍ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ يَتَبَيَّنُ بِهَا الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَأَبْدَأُ بِالْبُخَارِيِّ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بِأَسَانِيدَ مِنْهَا طَرِيقَةُ ابْنِ الزُّبَيْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهِيَ أَعْلَى قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُبَارَك بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الزَّبِيدِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيُّ الصُّوفِيُّ الْهَرَوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمُظَفَّرِ الدَّاوُدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَمَوِيُّ قَالَ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَطَرٍ الْفَرَبْرِيُّ قَالَ: أَنَا إمَامُ الصِّنَاعَةِ، وَالْمُقَدَّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute