للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحَابَةُ دِمَشْقَ لَمْ يَسْتَوْطِنُوهَا بَلْ صَالَحُوا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ النَّصَارَى وَكَانُوا فِي شُغُلٍ شَاغِلٍ مِنْ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اشْتَغَلُوا مِنْ الْيَرْمُوكِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَتَفَرَّغُوا لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ.

وَلَعَلَّ أَكْثَرَ صَلَاتِهِمْ كَانَتْ فِي مَضَارِبِهِمْ وَمَنْ صَلَّى مِنْهُمْ فِيهِ قَدْ يَكُونُ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْوَاجِبَ الْجِهَةُ دُونَ الْعَيْنِ أَوْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الْعَيْنِ وَنِيَّتُهُ الْمُخَالَفَةُ وَتَيَاسَرَ قَلِيلًا وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ نَقْلُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَصَارُوا إنْ كَانُوا كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ وَالْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ لَمْ نُخَالِفْهُمْ، وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ إنْ صَحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَهُوَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ مَعْلُومٌ وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ بَعْدَهُمْ فَالتَّمَسُّكُ بِذَلِكَ لَا يَصْلُحُ مَعَ قِيَامِ أَدِلَّةِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنْ لَا يُحْتَجَّ بِمَا نَجِدُ مِنْ الْمَحَارِيبِ فَمِحْرَابُ جَامِعِ جَرَّاحٍ بَنَاهُ الْمِلْكُ الْأَشْرَفُ فَكَانَ رَجُلًا مَشْكُورًا فِي زَمَانِهِ عِلْمًا وَفِقْهًا وَقَضَاءً فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ اجْتَهَدُوا وَرَأَوْا أَنَّ قِبْلَتَهُ هِيَ الصَّحِيحَةُ إنْ لَمْ يُرْجَعْ إلَى هَذَا الْعِلْمِ مَا يَكُونُ جَوَابُنَا لِهَذَا الْقَائِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

[إشْرَاقُ الْمَصَابِيحِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

(مَسْأَلَةٌ) لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مُصَنَّفَاتٌ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ أَكْبَرُهَا ضَوْءُ الْمَصَابِيحِ فِي مُجَلَّدٍ كَبِيرٍ وَالثَّانِي مُخْتَصَرَاتٌ هَذَا أَحَدُهَا.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

وَبَعْدُ فَهَذَا مُخْتَصَرٌ يُسَمَّى بِإِشْرَاقِ الْمَصَابِيحِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مُرَتَّبٌ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:

(الْأَوَّلُ) فِيمَا نُقِلَ عَنْ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِيهَا: أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ الْوَتْرُ سُنَّةٌ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ سُنَّةٌ وَالْعِيدَانِ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ» ، قَالَ وَالْكُسُوفُ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالْعِيدَانِ أَوْكَدُ وَقِيَامُ رَمَضَانَ فِي مَعْنَاهَا فِي التَّأْكِيدِ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ قِيَامُ رَمَضَانَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.

وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ أَمَّا قِيَامُ رَمَضَانَ فَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ دُونَ الْعِيدَيْنِ.

وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ دَلَّتْ صَلَاتُهُ يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِمْ جَمَاعَةً عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَتَأَكَّدُ حَتَّى يُدَانِيَ الْفَرَائِضَ.

وَقَالَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>