لَا بَعْدَهُ بِالِاتِّفَاقِ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ فِيهَا نَظَرٌ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِإِثْبَاتِ خِلَافِ الْعَمَلِ أَيْضًا وَكَيْفَ يَمْتَنِعُ إذَا اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ وَلَكِنَّ وَجْهَ مَا قَالَاهُ أَنَّهُ بِالْتِزَامِهِ مَذْهَبَ إمَامٍ يُكَلَّفُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ غَيْرُهُ، وَالْعَامِّيُّ لَا يَظْهَرُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ حَيْثُ يَنْتَقِلُ مِنْ إمَارَةٍ إلَى إمَارَةٍ، هَذَا وَجْهُ مَا قَالَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنِّي أَرَى تَنْزِيلَهُ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَنَزِيدُ الِامْتِنَاعَ عَلَى مَا صَرَّحْت فِيهِ بِالِامْتِنَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَنْقُولًا بِالْمَنْقُولِ وَتَحْقِيقُهُ قَدْ يَشْهَدُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَك ذَلِكَ أَنَّ التَّقْلِيدَ بَعْدَ الْعَمَلِ إنْ كَانَ مِنْ الْوُجُوبِ إلَى الْإِبَاحَةِ لَيُتْرَكُ كَالْحَنَفِيِّ يُقَلِّدُ فِي أَنَّ الْوَتْرَ سُنَّةٌ أَوْ مِنْ الْحَظْرِ إلَى الْإِبَاحَةِ لِيَفْعَلَ كَالشَّافِعِيِّ يُقَلِّدُ فِي أَنَّ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ جَائِزٌ فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ مِنْهُ فِي الْوَتْرِ هُوَ الْفِعْلُ وَفِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ التَّرْكُ وَكِلَاهُمَا لَا يُنَافِي الْإِبَاحَةَ، وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ أَوْ التَّحْرِيمِ خَارِجٌ عَنْ الْعَمَلِ وَحَاصِلٌ قَبْلَهُ فَلَا مَعْنَى لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهِمَا مَانِعٌ مِنْ التَّقْلِيدِ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ الْإِبَاحَةَ فَقَلَّدَ فِي الْوُجُوبِ أَوْ التَّحْرِيمِ فَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ أَبْعَدُ وَلَيْسَ فِي الْعَامِّيِّ إلَّا هَذِهِ الْأَقْسَامُ نَعَمْ الْمُفْتِي عَلَى مَذْهَبٍ إذَا أَفْتَى بِكَوْنِ الشَّيْءِ وَاجِبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ حَرَامًا عَلَى مَذْهَبِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْمُقَلِّدِ لِلْإِفْتَاءِ يَحْسُنُ أَنْ يُقَلِّدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ وَيُفْتِي بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَشَبُّهٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَصْلَحَةً دِينِيَّةً فَنَعُودُ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَنَقُولُ بِجَوَازِهِ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ أَفْتَى وَلَدَهُ فِي نَذْرِ الْحَاجِّ بِمَذْهَبِ اللَّيْثِ وَالْخَلَاصُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ.
وَقَالَ لَهُ: إنْ عُدْت لَمْ أُفْتِك إلَّا بِقَوْلِ مَالِكٍ يَعْنِي بِالْوَفَاءِ عَلَى أَنَّا إنْ حَمَلْنَا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّخْيِيرَ فَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً وَالْمُقَلِّدُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ التَّخْيِيرَ إذَا قَصَدَ مَصْلَحَةً دِينِيَّةً، وَأَمَّا بِالتَّشَهِّي فَلَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَجَابَ بِذَلِكَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعْظَمِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ. .
(مَسْأَلَةٌ) فِي رَجُلٍ أَخْرَجَ صَلَاةً فَرْضًا لَا تُجْمَعُ عَنْ وَقْتِهَا عَالِمًا ذَاكِرًا بِنِيَّةِ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ فَهَلْ يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِكُفْرِهِ أَمْ لَا أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ؟ .
(أَجَابَ) مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ بِقَتْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مَا لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي قَتْلِهِ هَلْ هُوَ حَدٌّ أَوْ كُفْرٌ فَيَلْزَمُ بِذَلِكَ قَوْلٌ يُكَفِّرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْكَافِر إِن جن قَبْل الْبُلُوغ]
(مَسْأَلَةٌ) تَفَقَّهْت فِيهَا وَلَمْ أَجِدْهَا مَنْقُولَةً الْكَافِرُ إنْ جُنَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَانَ الْقَلَمُ مَرْفُوعًا عَنْهُ وَإِنْ جُنَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْكُفْرِ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْهُ الْقَلَمُ لِأَنَّ رَفْعَ الْقَلَمِ عَنْ الْمَجْنُونِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ رُخْصَةٌ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصَةِ وَيَشْهَدُ لِهَذَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute