إطْلَاقُ الْهَرَوِيِّ وَغَيْرِهِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَسْتَفِيدُهَا الْقَاضِي بِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَلَوْ لَمْ نُسَلِّمْ ذَلِكَ فَفِي هَذَا الزَّمَانِ وَالْحَالُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَخْفَى لَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ.
وَهَذَا كُلُّهُ طَرِيقُ الْوَرَعِ، وَأَمَّا الْجَوَازُ الظَّاهِرُ فَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ لِاحْتِمَالِ الْمِلْكِ بِانْتِقَالِهَا إلَيْهِ تَنَاقُلٌ شَرْعِيٌّ مِمَّنْ مَلَكَهَا كُلَّهَا إمَّا بِسَرِقَةٍ عَلَى رَأْيِ الْغَزَالِيِّ وَإِمَّا بِشِرَائِهِ خُمُسَهَا مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ وَإِمَّا بِالشِّرَاءِ مِنْهُمْ وَمِنْ الْغَانِمِينَ إنْ كَانَ غَنِيمَةً وَإِمَّا بِشِرَائِهَا مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ كُلِّهِمْ إنْ كَانَتْ فَيْئًا بِغَيْرِ سَرِقَةٍ فَدَلَالَةُ الْيَدِ عَلَى الْمِلْكِ لَا تُزَالُ مَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ وَإِذَا انْضَافَ إلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَعْلَاهُ كَانَ ذَلِكَ طَرِيقَ الْوَرَعِ.
وَبِهَذَا بَانَ عَدَمُ الْقَطْعِ بِعَدَمِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ وَأَنَّ دَعْوَى الْبَائِعِ الْمِلْكَ لَيْسَ عَمَلًا بِخِلَافِ الْعِلْمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ لَا عَلَى مَنْ لَهُ نَظَرٌ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا قُلْتُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ ظَنَّ الْكَذِبَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ لَا عِبْرَةَ بِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي الْعُقُودِ قَوْلُ أَرْبَابِهَا وَالظَّنُّ الْوَاقِعُ فِي النَّفْسِ بِلَا يَدٍ وَلَا إخْبَارِ ثِقَةٍ مُلْغٍ فِي الشَّرْعِ كَالظَّنِّ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ التَّنْبِيهِ فِيمَا إذَا لَمْ تُعَيِّنْ الزَّوْجَ فَإِنْ عَيَّنَتْهُ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا وَهُوَ مُعَيَّنٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا لِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى طَلَاقِهِ إيَّاهَا.
وَقَوْلُك الْجَارِيَةُ لَا شُبْهَةَ لِلْإِنْسَانِ فِي غَيْرِ خُمُسِ خُمُسِهَا وَلَا فِي خُمُسِ خُمُسِهَا أَيْضًا إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَمَّا الظُّفْرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سِوَاهُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبِيحُ التَّسَرِّي.
وَاَلَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَخَالَفَهُمْ الرَّافِعِيُّ وَأَظُنُّنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْحَلَبِيَّةِ رَجَّحْت أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ لَا يَحْضُرُنِي الْآنَ، وَبِالْجُمْلَةِ مَعَ مَا قَدَّمْته لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ.
وَأَمَّا صَرْفُ الْقِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهَا فَلَا يَكْفِي. وَبِهَذَا بَانَ أَنَّ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَيَّ بِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا لِغَيْرِ الشَّافِعِيِّ أَوْ مُتَسَاهِلًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَالِد الطِّفْلَة لِوَالِدِ الطِّفْل زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك قَالَ قَبِلْت]
(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ لَهُ طِفْلَةٌ قَالَ لِرَجُلٍ لَهُ طِفْلٌ: زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك، قَالَ: قَبِلْت التَّزْوِيجَ لَهُ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟
(أَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيهَا قَوْلَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute