للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ وَالْمَدْرَسَةُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَالْوِلَايَةُ فِي الْمَدْرَسَةِ لِقَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ لَا لِقَاضِي بَلَدِ الْمَدْرَسَةِ، وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ فِي بَلَدِ وَقَفَ مَدْرَسَةً فِيهَا وَشَرَطَ نَظَرَهَا لِقَاضِي تِلْكَ الْبَلَدِ، أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ، وَقُلْنَا: النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ وَآخَرُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ وَشَرَطَ نَظَرَهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ نَظَرُ الْوَقْفِ وَتَحْصِيلُ مُغَلِّهِ وَصَرْفُهُ وَلِقَاضِي بَلَدِ الْمَدْرَسَةِ نَظَرُهَا، وَأَمَّا تَعْيِينُ الْمُدَرِّسِ فِيهَا وَتَوْلِيَتُهُ فَهَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ لِتُعَارِض النَّظَرَيْنِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ التَّوْلِيَةَ لِقَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ دُونَ قَاضِي بَلَدِ الْمَدْرَسَةِ وَأَنَّ قَاضِي بَلَدِ الْمَدْرَسَةِ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ فِيهَا مُدَرِّسًا آخَرَ بِغَيْرِ مَعْلُومٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِذَا حَضَرَ كُلٌّ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ إلَى بَلَدِ الْآخَرِ تَصَرَّفَ بِمَا لَهُ بِالشَّرْطِ دُونَ مَا لَهُ بِالْحُكْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كَتَبَ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي لَيْلَةِ الْأَحَدِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِالدَّهْشَةِ ظَاهِرَ دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ انْتَهَى. نُقِلَ مِنْ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ.

[فَصْل الْفَرْقِ بَيْنَ أَوْقَافِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ الَّتِي تَحْتَ نَظَرِ الْحُكْمِ]

(فَصْل) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَائِدَةٌ) دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذِكْرِهَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَوْقَافِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ الَّتِي تَحْتَ نَظَرِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ شَرْعًا وَعُرْفًا أَنَّ النَّاظِرَ هُوَ الْقَاضِي وَجَرَتْ الْعَادَةُ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَنَّهُ يُنَصِّبُ مِنْ جِهَتِهِ مُبَاشِرِينَ يُسَمَّوْنَ شُهُودَ الْأَوْقَافِ وَهُمْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ مَأْذُونٌ لَهُمْ مِنْ جِهَتِهِ فِي الْإِيجَارِ الْمُعْتَادِ وَالِاسْتِخْرَاجِ وَالصَّرْفِ وَالْعِمَارَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَغْلِبُ مِثْلُهُ وَتَصْعُبُ الْمُرَاجَعَةُ فِيهِ وَكَأَنَّهُمْ نُوَّابٌ عَنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا ضَرَرَ فِي تَسْمِيَتِهِمْ شُهُودًا أَوْ مُبَاشِرِينَ فَالصِّفَتَانِ مَوْجُودَتَانِ فَإِذَا اُحْتِيجَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْفِ فَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَى فِعْلِهِمْ وَلَا يَجُرُّ إلَيْهِمْ نَفْعًا فَشَهَادَتُهُمْ فِيهِ مَقْبُولَةٌ وَإِذَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ وَشَهِدَ الْآخَرُونَ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ صَرْفٍ أَوْ نَحْوِهِ فِيمَا لَا يَجْلِبُ إلَيْهِمْ نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ ضَرَرًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِيهِ أَيْضًا وَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا أُجْرَةَ مُبَاشَرَتِهِمْ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا كَوْنُهَا لَا تَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَكُونُ فِي عَمَلٍ لَا بُدَّ مِنْهُ.

وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>