وَإِنْ وَصَفَهَا وَمَيَّزَهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي التِّرْكَةِ فَلَا ضَمَانَ بِسَبَبِ التَّقْصِيرِ قَطْعًا وَفِي ضَمَانِهَا بِسَبَبِ الْفَقْدِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.
وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الرَّافِعِيُّ الْخِلَافَ فِي ضَمَانِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا فِي ضَمَانِ التَّقْصِيرِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهَا بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى جِنْسِهَا فَقَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ جِنْسُ الثَّوْبِ ضَمِنَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يَضْمَنُ. وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَ الْغَزَالِيُّ.
وَهَذَا مِنْ الرَّافِعِيِّ لَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ أَنَّهُمْ نَقَلُوا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهَا أَوْ لَا وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ بِذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ يُوجَدُ خِلَافُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيَصِحُّ نَقْلُ الرَّافِعِيِّ عَنْهُ عَلَى هَذَا بِطَرِيقِ التَّوْكِيدِ لَا؛ لِأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا وَمَعَ هَذَا كَلَامُ أَبِي إِسْحَاقَ فِي الضَّمَانِ بِسَبَبِ الْفَقْدِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الضَّمَانِ بِسَبَبِ التَّقْصِيرِ.
ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنْ وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ جِنْسُهُ بِأَنْ وُجِدَ أَثْوَابٌ ضَمِنَ وَهَذَا الَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الضَّمَانِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يُعْطَى وَاحِدًا مِنْهَا؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَجْهِيلَهُ فَقَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ خَلَطَهُ بِهِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ نَنْقُلُهُ مِنْ الْأَمَانَةِ إلَى ضَمَانِ الذِّمَّةِ وَضَمَانُ الْفَقْدِ مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّ الْفَقْدَ لَمْ يُوجَدْ.
وَأَبُو إِسْحَاقَ يَجْعَلُ وُجُودَ الْجِنْسِ كَوُجُودِ الْوَدِيعَةِ.
ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِنْ وُجِدَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَفِي التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَاسْتَحْسَنَ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَمَّا الضَّمَانُ فَلِلتَّقْصِيرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ فَإِنَّمَا ضَمِنُوهُ بِالْفَقْدِ وَالْفَقْدُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَالْأَوْلَى جَعَلُ الْمَوْجُودِ هُوَ الْوَدِيعَةُ، ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا قَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ لِفُلَانٍ وَذَكَرَ مَعَهُ مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ هَذَا صَحِيحٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي ضَمَانِ الْفَقْدِ أَمَّا ضَمَانُ الْعُدْوَانِ بِتَرْكِ الْإِيصَاءِ فَلَا يَعْرِفُ هَذَا الْوَجْهَ مَحْكِيًّا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَاتِ]
(مَسْأَلَةٌ) اُشْتُهِرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي فِي الْعَطَاءِ. وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يُعْطِي بِحَسَبِ الْفَضَائِلِ. وَخَطَرَ لِي أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ